Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

غرامة إطعام القرود..!!

A A
ما زال مسلسل تشويه الأماكن السياحية في مدينة الطائف ـ مثل الهدا والشفا ـ مستمرّاً بسبب التواجد الكبير وغير العادي لقرود البابون، حتّى صار من المألوف مشاهدتها تمشي مطمئنّةً وواثقة الخُطى في بعض شوارع هاتين المنطقتين الجبليتيْن السياحيتيْن، وقد يشاهدها السائح بجوار النُزُل السياحي الذي يقيم فيه، أو يشاهدها وهي تتسلّق سور النُزُل بحثاً عن الطعام وسرقةً له!.

وبادئ ذي بدء، وعندما أنتقد تواجد قرود البابون فإنّي لا أعادي هذا الحيوان شبه المتوحّش، وكلّ ما في الأمر هو أنّني أؤمن أنّ مكانه الطبيعي هو محميّاته التي خلقها الله له، سواءً كانت الجبال أو السهول أو الوديان غير المأهولة بالبشر، أو حدائق الحيوان رغم معارضتي الإنسانية لهذه الأخيرة كونها تقييداً لحرية الحيوان وسجناً كئيباً له من صُنْع الإنسان!.

وعلى الرغم من منع إطعام القرود في الطائف ـ نظرياً ـ إلّا أنّ الكثير من النّاس يطعمونها ليل نهار، وفي هذا تشجيع للقرود على الكسل، فصارت تنأى بنفسها عن البحث عن الطعام وسط المحميّات التي قدمت منها، وكأنّ في ذلك نأياً عن فطرتها، وإخلالاً بالتوازن البيئي، لأنّها بالأصل طعام لبعض الحيوانات المفترسة مثل النمور العربية التي يُقال إنّها موجودة في جبال محيط الطائف، وتعيش القرود على أكل النباتات الموجودة بشكل طبيعي في المحميّات، وعندما تهجر المحميّات إلى مداخل ومخارج الأماكن السياحية يحصل هذا الإخلال، فلماذا يُساهم النّاس عبر إطعامها بمزيدٍ من الإخلال البيئي في ربوع الوطن!.

أعتقد أنّ الحلّ الوحيد لإرغام القرود للعودة إلى حيثما قدمت منه هو عدم إطعامها، فإن لم يمتثل النّاس فلا مناص من وضع كاميرات في مواقع تجمّعها في الأماكن السياحية، وتصوير سيّارات النّاس الذين يطعمونها وتغريمهم مالياً مثلما يحصل للمخالفات المرورية، وما أجمل أن تُستبدل أسراب القرود بباقات من ورد الطائف الشهير، وريحانه العبق، ومائه الكادي، وعطره الزهري، تُهدى للسُيّاح وتكون لهم ذكرى جميلة عن الطائف الذي وُصِفَ بالمأنوس من قديم الزمان لأنّه مثوى للإنس العاشقين لِلْأُنْس والطرب والفرح بعيداً عن تطفّل القرود!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store