Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

السودان واللبن المسكوب في نهر النيل!

إضاءة

A A
ليس بكاء على اللبن أو النهر المسكوب، ولكن لا بد للأجيال أن تعرف ما جرى وما كان من مصر والسودان!، ففي سنوات القطيعة أو الغضب أو الخصام، وفور أن وقعت أثيوبيا عقد بناء سد النهضة في مارس 2011 مع شركة Salini Costruttori الإيطالية بدون منافسين وبعقد قيمته 4,8 بليون دولار، وُقع في مارس 2011، ظهر فجأة الموقف السوداني الداعم لبناء السد بنفس مواصفاته الفنية بما فيها السعة التخزينية للخزان، والتي تُقدر بنحو 74 مليار متر، وهو ما يعني تناقص الوارد من مياه النيل لحصة مصر التي تبلغ 55,5 مليار متر مكعب!

أيامها كان الخصام على أشده بين النظامين، ومن ثم كثر العبث في مياه النيل، مصدر الحياة.. تصور؟!

لقد كان موقف السودان الذي تغير بحمد الله الآن يعني، التخلي عن اتفاق 1959 مع مصر والخاص بضبط النهر وزيادة ايراداته، والذي ينص على أنه: «عندما تدعو الحاجة إلى إجراء أي بحث في شؤون مياه النيل مع أي بلد من البلاد الواقعة على النيل خارج حدود الجمهوريتين، فإن حكومتي جمهورية السودان والجمهورية العربية المتحدة (مصر) يتفقان على رأي مُوحد بشأنه بعد دراسته بمعرفة الهيئة الفنية»!

شيئاً فشيئاً ومع تزايد حد الغضب أو العبث، وكما يقول السفير بلال المصري: ارتفعت صيحات سودانية في عهد الرئيس البشير تتحدث بل تنتقد اتفاقية 1959 علناً بل إن بعضاً من نواب البرلمان السوداني طالبوا بمراجعة اتفاقية الانتفاع الكامل من مياه النيل!!.

وفي جلسة للمجلس الوطني السوداني في 3 يناير 1994 وقف وزير الري السوداني يعقوب أبو شورة ليقول إن هناك مساعي للوصول لاتفاقية شاملة تضم دول حوض النيل تختص بتوزيع المياه، فيما الوضع الحالي مجحف للسودان!

ثم نشرت وكالة أنباء السودان الحكومية في أغسطس 1995 تقريراً يقول: إن أي حديث عن زيادة استغلال السودان لمياه النيل يضايق الحكومة المصرية على الرغم من التطورات في دول حوض النيل بما في ذلك الجفاف وحاجة الدول التي لا نصيب لها من مياه النيل والتوسع في استخدام المياه في السودان بسبب الهجرة»!

وقبل نهاية عام 2013 تحول الموقف السوداني الرسمي إلى دعم وتأييد إقامة إثيوبيا لسد النهضة على النيل الأزرق، حيث وقف الرئيس البشير بعصاه محييا الجماهير، بمناسبة تدشينه ورئيس الوزراء الإثيوبي شبكة الربط الكهربائي بولاية القضارف المُتاخمة للحدود مع إثيوبيا ومعلناً أن السودان يدعم إقامة هذا السد لأنه كله فوائد، ونحن أصلاً شعب واحد فالسودان هو جزء من الحبشة الكبرى التي كانت تضم الصومال وإرتريا وجيبوتي وإثيوبيا لكن الحدود التي وضعها المُستعمر هي التي فرقتنا!.

في دوامة الخصام نسي السودان أن 77% من مجمل مياهه مصدرها أنهار النيل والجاش وبركة وأزوم وكلها تنبع من خارج حدوده، كحالة مصر التي تعتمد بنسبة 99% على مياه نهر النيل فقط! وبمعنى آخر نسي النظام السوداني المتخاصم مع مصر في هذا الوقت أن هناك قاسماً مُشتركاً بين الحالتين المصرية والسودانية فيما يتعلق بدرجة تهديد الأمن المائي!.

كنت أستمع بالأمس لتصريحات الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية السودانية، وقبله لرئيس الحكومة، وقبله للمتحدث باسم المجلس الانتقالي، والتي تؤكد كلها على أن العبث بحصص النيل «خط أحمر»، وأن «تعنت إثيوبيا» يعطل التوافق، وقلت تتغير التصريحات، والمواقف، والهمم، ويبقي جريان نهر النيل، وهذا هو الأهم!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store