Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد البلادي

لا تحرقوا نجومكم!

A A
· تستفزني كثيراً المشاهد (المصطنعة) التي يتم فيها استغلال الأطفال كمادة للجذب واستدرار العاطفة، ليس لأن فيها اغتيالاً فاضحاً لبراءة الطفولة فحسب، بل لأنها تعتبر إساءة بالغة للطفل؛ لا تقل إجراماً ولا بشاعة عن تسخيره للعمل الشاق أو التعدي عليه. استغلال الأطفال في الإعلام أو في وسائل التواصل بحثاً عن شهرة أو مكاسب مالية هو إحدى صور استغلال الطفل المرفوضة والمحرّمة دولياً والتي تعاقب عليها القوانين والأنظمة السعودية، حيث أوضحت الجهات المسئولة عن حماية الطفل خطورة هذه الممارسات أكثر من مرة ، بل أن النيابة العامة قامت مشكورة بملاحقة بعض من قاموا بهذه الجرائم.. ولكن!

· تعريض الطفل لأضواء الشهرة في سن مبكرة سبب رئيسي للعديد من الاضطرابات النفسية والاجتماعية التي تهدد طفولته واتزانه النفسي والعقلي والاجتماعي، وتزيد من حالة التوتر والعصبية والقلق والخوف وعدم الأمان لديه، فضلاً عن أنها تضعه تحت ضغوط لا قبل له بها، سواء من محيطه القريب؛ أو من المتابعين.. ولا أظنني بحاجة للاستشهاد بأيّ من الدراسات العلمية الكثيرة التي تجزم بخطورة أضواء الشهرة ووسائل الإعلام على الأطفال، فالنتائج كانت ومازالت ماثلة أمام الجميع، فمعظم الاطفال الذين تعرضوا لنيران الشهرة عربياً أو عالمياً أصيبوا باضطرابات نفسية أوصلت بعضهم لطريق المخدرات والانحراف والضياع، خصوصاً بعد انسحاب الأضواء عنهم في مرحلة سنية معينة، وهذا أمر متوقع نظراً لانتهاء جاذبيتهم عند الجماهير، مما يدفعهم للاكتئاب والاضطراب النفسي، والأمثلة كثيرة ومعروفة جداً ولعل أشهرها (ماكولي كولكين) بطل الفيلم الشهير (Home Alone ) الذي عرف النجومية والثراء وعمره 10 سنوات فقط، و(لينزي لوهان) التي كانت في نفس العمر تقريباً عندما قامت ببطولة فيلم (Parent Trap

) والكثير من أطفال العرب الذين لقي معظمهم نفس المصير المظلم، فاغتيلت طفولتهم وأدمن كثير منهم المخدرات بعد فترة قصيرة من الشهرة والنجومية.

· إن نظرة بسيطة لكمّ المشاهد والمقاطع التي يقوم بتسجيلها آلاف الأطفال يومياً في تطبيقات مثل (TikTok

) أو (سناب شات) وغيرها، سواء بدوافع شخصية أو بإرغام من ذويهم تظهر لك حجم المأساة التي تعيشها هذه الزهور الصغيرة، والقدر المفزع من الضغوطات التي تضغط على طفولتهم ومواهبهم، وتحرق فطرتهم وترتيب مراحل حياتهم، ناهيك عن التنازلات التي يقدمها بعضهم طلباً لنجومية في غير وقتها، وشهرة قبل أوانها بكثير، تحركها أطماع في أموال ربما لن تأتي!.

· أبناؤكم نجوم ببراءتهم، بتربيتهم، بأخلاقهم وعلمهم وطموحاتهم، بصحتهم النفسية، باتزانهم وبمستقبلهم الزاهر بإذن الله فلا تقتلوا فطرتهم التي فطرهم الله عليها، ولا تحرقوا أجمل مراحل حياتهم من أجل شهرة سريعة وزائفة.. ولا تقدموهم كقرابين لوسائل الإعلام لتحصد الملايين من بيع مشاعرهم وأدق تفاصيل حياتهم ثم ترميهم لكم كعصفٍ مأكول.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store