Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

المساجد «وَخِّرْ» هذا مكاني!!

A A
ما يحدث في مساجدنا، من سعي بعض المُصلِّين لحصْر أو حجز الأماكن التي ألِفُوا الصلاة فيها لأنفسهم دون غيرهم، سواء في الصفّ الأول أو في غيره، حتّى لو لم يأتوا مُبكِّرين للمساجد ليكون لهم الحقّ في اختيار ما يشاؤون من أماكن، هو أمر مكروه، فالمساجد هي بيوت الله -وحده- وليست هناك صكوك مِلْكية لأيّ كائنٍ من كان لأماكنها، والأجر الأكبر يكون بتبكير الذهاب إليها وتلبية النداء، وتعبئة الأماكن في الصفّ الأول أولاً فالذي يليه وهكذا، دون أيّ تزاحم أو مشاحنات أو مظاهر استملاك ما أنزل الله بها من سلطان!.

وهكذا سعي ازداد لدينا في زمن كورونا، وصار من إفرازات الجائحة التي مسّت مساجدنا، وهو ثقافة سلبية لا ترتكز على سند، ولا أعلم مدى قبول الله عزّ وجلّ لصلاة من يُصِرُّ عليها، فعِلمُ ذلك عنده وحده.

وقد تعرّضْتُ أنا لموقفٍ مُحْرِجٍ في أحد المساجد حين طلب منّي أحدهم قبل الإقامة ترْك المكان الذي أتيْتُ إليه مُبكِّراً في الصف الأوّل زاعماً أنّه اعتاد على الصلاة فيه لسنوات، فلمّا رفضتُ في البداية فرش سجّادته بجواري قائلاً «وَخِّر شويّ» هذا مكاني، وضارباً بإجراءات التباعد الجسدي الاحترازية الخاصّة بكورونا عرض الحائط، فاضطررت للرجوع لأحد الصفوف الخلفية وأنا أضرب كفّاً بكفّ على مثل هذه الجرأة لاستملاك أماكن الصلاة دون التبكير إليها!.

وهنا أستحضر فتوى للشيخ عبدالعزيز بن باز، يرحمه الله، بكراهة اتخاذ مكانٍ معينٍ في المسجد لا يُصلّي الرجل إلّا فيه، ومفهوم ذلك يشمل التبكير لهذا المكان، فما بال التأخّر عن الوصول إليه ثمّ الطلب ممّن أتى إليه قبله أن يتركه!.

والذي ينبغي للمؤمن -والكلام الآن للشيخ- هو ألّا يتخذ مكاناً معيناً في المسجد، بل متى جاء يحرص على القُرْب من الإمام دون أيّ اتّخاذ، وأن يكون هناك مسابقة للخير، فإذا أمكنه أن يكون خلف الإمام فهذا هو الأفضل، وإذا لم يتيسّر ذلك فليُسارع، أمّا أن يتّخذ عمود سارية يُصلّي عندها أو جداراً أو محلّاً مُعيّناً فهذا خلاف المشروع، فالمشروع هو أن يُبكّر ويتقدّم للصلاة في الصفّ الأول، فإن عجز يكون في الصفّ الثاني أو الذي يليه وهكذا.

رحم الله الشيخ ورحمنا معه، وهدانا جميعاً لما يُحِبُّ ويرضى.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store