Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

أسباب الإصابة بعد أخذ الجرعتين

A A
تصدق مقولة العلم نور والجهل ظلام على كل أمر تدور رحاه بين أهل العلم والاختصاص وبين أعداء العلم والجهلة من الناس لذلك ليس هناك من دين أو نظام حياة رفع من شأن العلم والعلماء مثل الإسلام ( يرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) (لا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) وقوله-عليه السلام- فيما يرويه أبو الدرداء رضي الله عنه، قال سمعت رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يقول «من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا الى الجنة وأن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضى بما يصنع وفضل العالم على الجاهل كفضل القمر على سائر الكواكب».

عندما أصيب واحد أو اثنان أو حتى مائة بفيروس كورونا على الرغم من أخذهم جرعتي اللقاح من بين ملايين البشر هلل البعض وأخذوا يرددون ألم نقل لكم أن الموضوع كله لعبة وأن الفيروس مُصنع وأن اللقاح عبارة عن أملاح صوديوم، وهكذا تجد أن الجهل لا يحتاج أن تتعرف على أهله من خلال بيارق واعلام إنما هو بيرق نفسه حيث يظهر على الجاهل من خلال قوله وما ينطق به، والجاهل من الواجب تعليمه كي لا يتمادى في نشر جهله وما ينبغي أن توضع الأمور هنا في خانة اختلاف الرأي أو حريته أو لكل واحد اجتهاده فذلك غير صحيح لأن المسألة مسألة علم أو جهل كما قال تعالى (هل عندكم من علم فتخرجوه لنا) والاستدلال العلمي إما وحي من السماء أو تجريب في الحياة مثبت على افتراض وتجربة ومشاهدة واستنتاج والأخير هو الأدوات والقواعد الساندة للقرار العلمي.

نعود إلى صلب الموضوع، وهو لماذا في حالات نادرة جدًا جدًا يصاب البعض بالفيروس رغم أخذهم الجرعتين؟ أولا يجب التوضيح أن هذا يحدث ليس فقط مع لقاح فيروس كورونا ١٩ إنما أيضًا مع بعض اللقاحات الأخرى، وثانيًا أن تفسير وإسناد السبب إلى سبب واحد ليس مثبتًا إلى الآن إنما يكون هناك عدة أسباب لأن التعامل هنا في أخذ اللقاح هو في حقيقته تفاعل بين جسيمات بيولوجية (جديدة وطارئة) مأخوذة من الفيروس نفسه وخلايا حيوية في جسم الإنسان، ونذكر هنا أهم تلك الأسباب وقد يكون هناك غيرها مما لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى:

* أن هناك من الأجسام لسبب غير معروف إلى الآن إذا أُعطيت اللقاح جرعتين لا تستطيع إنتاج أي أجسام مضادة وهي من الحالات النادرة جدًا جدًا التي إلى الآن لا يعرف العلماء أي سبب لها أو تفسير، لعل ذلك يعود إلى ما يشبه الأمراض ذاتية المناعة Autoimmune diseases فالجهاز المناعي وخلاياه المسؤولة عن محاربة الفيروس تتجه إلى محاربة خلايا المناعة نفسها بدلا من محاربة الفيروس مثلها في ذلك مثل هجوم بعض الخلايا المناعية على بعض أجهزة الجسم وقتلها مما يتسبب عنها أحد أمراض ذاتية المناعة.

* السبب الثالث قد يعود إلى أن الجرعتين لا تتناسب مع حجم الجسم وكثرة الخلايا وتحتاج إلى جرعة ثالثة وهذا ما اقترحته بعض الشركات والدراسات أما جرعة ثالثة بعد ستة أشهر أو بعد سنة.

* السبب الرابع قد يعود إلى أن من أصيب قد مضى على فترة إصابته فترة أشهر انتهى عنده مخزونه من الأجسام المضادة أو أن الخلايا المناعية انتهت قدرتها على تذكر الفيروس أي انتهت فترة صلاحيتها في محاربة الفيروس.

* كما قد يكون السبب إلى وراثية ذاكرة الخلايا المناعية المحاربة للفيروس والمنتجة للأجسام المضادة بأنها وراثيًا ضعيفة الوظيفة التي هي هنا الذاكرة الخلوية.

* كما أن السبب قد يكون بسبب قدرة مغالبة الفيروس على أداء الجهاز المناعي فيستسلم وتظهر إيجابية الإصابة به.

لاشك أن الإصابة بعد أخذ الجرعتين أمر يحتاج إلى مزيد من الأبحاث والدراسات المناعية مع أنها حالة نادرة الحدوث، ويبقى لو أن الإصابة وقعت بعد أخذ الجرعتين أن الأعراض بفضل الله تظل خفيفة أو متوسطة ولم تسجل حالات خطيرة أو مميتة.. حفظنا الله جميعًا بحفظه ورعانا بعينه التي لا تنام.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store