Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

أثيوبيا تشتري الزمن.. فمن يشتري التروماي؟!

إضاءة

A A
مرة أخرى يعيد وزير الري السوداني، ياسر عباس، التأكيد على أن أثيوبيا اختارت تكتيك شراء الوقت لإكمال عملية الملء الثاني لسد النهضة دون اتفاق!، والحق أنه لم يعد تكتيكاً أو مناورة أو خداعاً!. لقد أعلنت أديس أبابا أكثر من مرة أنها ستباشر الملء الثاني في شهر يوليو أو أغسطس المقبلين، فأين هو التكتيك؟!. وبافتراض أن هذا تكتيك وأنها (أثيوبيا) تشتري الوقت، بل لنفترض أنها اشترته وحددته بالفعل، فما الذي اشتراه الطرف الثاني الذي هو مصر والسودان؟!. أخشى في الحقيقة مع الاحترام التام لكل الجهود وكل الجولات وكل المؤتمرات وكل الندوات وكل التصريحات أن يكونا قد اشتريا «التروماي»!، والتروماي لمن لا يعرف هو وسيلة مواصلات مصرية قديمة كانت تخترق شوارع وميادين القاهرة بما فيها ميدان العتبة الذي باعه أحدهم لفلاح بلدياتنا بما فيه التروماي!. لقد رفضت أثيوبيا دعوة رئيس الحكومة السودانية حمدوك للقاء ثلاثي يعقد في الخرطوم، كما رفضت -كما يقول الوزير عباس- كل المقترحات المقدمة من جانب السودان ومصر، وآخرها اقتراح تقدم به الوفد المصري يقضي بالتنازل عن الوساطة والمراقبين شريطة الوصول إلى اتفاق قانوني وملزم في غضون 8 أسابيع!. وفيما كان وزير الخارجية المصري يطوف عواصم أفريقية عدة لشرح وجهة نظر القاهرة من مسألة الملء، كانت وزيرة الخارجية السودانية تملأ الدنيا صياحاً، مؤكدة إحاطة مجلس الأمن الدولي بموقف الأثيوبيين الذين «اعتدوا على السودان، وعلى أسس حسن الجوار، بالطريقة التي أجروا بها الملء الأول لبحيرة السد العام الماضي، مهددين أكثر من 20 مليون سوداني، فضلاً عن تهديد الأمن القومي للسودان بالطريقة التي أعلنوا بها تنفيذهم للملء الثاني في يوليو وأغسطس المقبلين».

بالمناسبة، هل نجح مجلس الأمن الدولي في حل مشكلة بطريقة حاسمة خلال العقود الأخيرة؟، وهل باتت أمريكا التي كان يلجأ لها الجميع أحياناً هي نفسها؟!، وهل باتت روسيا كما كانت عليه؟، بل هل كانت إسرائيل في أي مرحلة منذ إنشائها على أرض فلسطين محضر خير لأحد؟!.

لقد تكررت العبارة الآتية من الخرطوم حول «قيام أثيوبيا بتكتيك لشراء الوقت» مثلما تكررت عبارة أخرى آتية من القاهرة تقول إن «أثيوبيا لا تملك إرادة سياسية كافية لحل الأزمة»! والواقع بل الواضح، والواضح جداً أن أثيوبيا حددت الوقت، وبإرادة سياسية فاعلة، فما الذي تنوي عليه كل من القاهرة والخرطوم؟، وهما تؤكدان طوال الوقت تعرض أمنهما القومي لتهديدات حقيقية؟، وهل ما تنوي عليه القاهرة اذا كانت قد نوت بالفعل، هو نفسه ما تنوي عليه الخرطوم؟!. أتحدث عن النوايا السياسية لا العسكرية، وليس «النواية التي تسند الزير»!

تابع معي آخر تصريحات وزير الري السوداني والتي يقول فيها: اذا لم تستجب أديس أبابا سنذهب لمحكمة الكوميسا.. ولو كنت مكان نظيره الأثيوبي لقلت: سلملي ع الكوميسا وليس على التروماي!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store