عام على رحيلك وأنت لا تزال وستظل في مساحة مضيئة من الذاكرة، فشخصيتك التي اجتمعت لها مقومات عدة والجانب الإنساني يتبدى ويظهر في كل المواقف التي عرفتك فيها.. لم يصاحب حضورك في مراحل علمك ضجيج بل كان لصوت ثقافتك وفكرك وحبك العبور الذي يمكن وصفه بتسلل خيوط الفجر إلى النوافذ العتيقة المنسدلة الستائر، وأصبحت بأناقة كلماتك تحمل مؤهلات الأديب وحضور المثقف وروعة المؤلف، فكنت أنيقاً في حديثك ولباسك وفي كل شي حولك حتى مشيت فوق سطح رخام أبجدية اللغة، فوقفت على ناصية الكلمة والتي أصبحت عشقك فكتبت الحرف بهياً ومضيئاً، وكان هذا السرد الأنيق: حارة الأغوات ورحلة الشوق في دروب العنبرية وحارة المناخة وهتاف من باب السلام وذكريات من الحصوة٠٠
رحمك الله سنة الحياة ولكل أجل كتاب والموت حق ولكن فراق من نحب أكثر ألماً.. أراد الله عز وجل أن يقف ذلك القلب الذي كان مليئاً بالحب.
رسالة
«هذا «المدني» الجميل المميز بثقافته الاجتماعية ما حل بمدينة قط إلا وأصبح جزءاً من ذاكرتها ونسيجها العام.. فلقد قصد مكة المكرمة طالباً، فغدا خلال سنوات معدودة خبيراً بأهلها وشِعَبها وحكايات رجالها، فإذا ما قرأت.. أشجان الشامية ظننته ذلك الأنيس الذي افتقده الشاعر في الزمن القديم بين «الحجون» و»غيلم»، ذلك الأنيس الذي لفحته مكة برياح سمومها، فامتزجت رجولة أهل مكة، ودماثة أهل طيبة».
محمد صادق دياب