Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

بايدن صافح«القاتل» وبوتين لم يرفع الحذاء!

إضاءة

A A
بالتأكيد لم يجلس الرئيس الأمريكي بايدن مع الرئيس الروسي بوتين أمس، ليحددا من الذي يستحق فيهما وصف «القاتل» الذي استخدمه الأول في وصف الثاني! وهما لم يجلسا كذلك لاستعراض عضلاتهما أو ذاكرتهما، أو نوعية كلابهما، خاصة وأن اللقاء تم كما يبدو في أجواء رطبة، هناك بالقرب من بحيرة جنيف.

ومع الاحترام لقيمة الرئيسين وتاريخ بلديهما فإن بايدن، ليس هو جورج واشنطون، أو وليام هاريسون، أو فرانكلين روزفيلت، أو أبراهام لينكون، وليس هو ريتشارد نيكسون، أو جونسون أو حتى ترامب!

كما أن الرئيس بوتين، ليس هو فلاديمير لينين، أو جوزيف ستالين، نيكيتا خروتشوف، وليس هو يوري أندروبوف، أو قسطنطين تشيرنينكو، بل إنه ليس جورباتشوف أو حتى يلسين!

ومع الأخذ في الاعتبار صعوبة أو تشابك، أو حدة الأزمة بين الولايات المتحدة وروسيا، فإن قمة الزعيمين لم تكن على سبيل المثال لا الحصر كتلك التي حدثت في فبراير1945، بين روزفلت، وستالين، حين التقيا بحضور الزعيم البريطاني تشرشل، لتحديد مصير العالم! ولم تكن كذلك كتلك التي جمعت ترومان وستالين، في مؤتمر بوتسدام، خارج برلين!

إن أزمات، كتلك التي في أوكرانيا أو سوريا، رغم تعقد الأولى ومأساوية الثانية، لن تكونا بحجم حرب عالمية رابعة أو تهديد نووي داهم، كما أن الاتهامات المتبادلة بالتجسس والتدخل في الانتخابات، والهجمات الإلكترونية، على خطورتها لن تكون بحجم معاهدة الحد من الأسلحة الإستراتيجية (نيو ستارت) الموقعة بين واشنطن وموسكو في 2010.

وعلى المستوى الشخصي فإن الرئيس بايدن، حتى وإن أطلق وصف «قاتل» على الرئيس بوتين، ليس هو ترامب، في سلوكه وتصرفاته، وتعليقاته، كما أن بوتين ليس هو خوروشوف، الذي رفع الحذاء أثناء الدورة العادية للجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1960 اعتراضًا على وصف السياسة الخارجية للاتحاد السوفييتي وتصرفاتها في شرق أوروبا بالاستعمارية!

لقد مضت القمة رغم صعوبتها إلى نهاية مفتوحة! كتلك الأفلام الحديثة، أو كسياسة السماء المفتوحة! فالقمة الثنائية أتبعتها قمة موسعة استمرت ساعات طويلة، ثم قمة ثالثة، ومعنى ذلك، هو إصرار الدولتين على واقع جديد يحكم العلاقات بينهما، أو ما أسمياه بوضع الخطوط الحمراء!

قبل القمة بأيام أو أسابيع قليلة، أرسل آخر رؤساء الاتحاد السوفياتي ميخائيل غورباتشوف، رسالة للرئيسين بوتين وبايدن، جاء فيها «من الواضح أن الأساس هو تجنب الحرب النووية.. وبما أنه يجب تفادي هذه المشكلة، فمن المستحيل

حلها من طرف واحد، لذا من الضروري الالتقاء»، معتبرًا أنه «إذا سادت الرغبة في نزع السلاح و تعزيز الأمن، فيمكن إنجاز الكثير».

كما كتب كيسنجر موصيًا الزعيمين بالانتباه إلى وجود لاعب ثالث هو الصين!

صحيح أن روسيا جورباتشوف تختلف عن روسيا بوتين، وصحيح أن بايدن بالغ في وصف نظيره بالقاتل، لكن ما وصل من جنيف حتى كتابة المقال، يشي بقدر من الانفراج، أو الاتفاق على طريقة اللعب، أو كما قال لهما جورباتشوف وكسينجر «العبوا سوا».

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store