Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

"بوجبا" و"الجمهور" ينثران البهجة والأمل!

إضاءة

A A
ما يثير الأمل والبهجة في بطولة الأمم الأوروبية المقامة حاليًا على ملاعب متفرقة من القارة، ليس هو جمال الأهداف المسجلة، ولا بسالة حراس المرمى اللافتة، ولا عودة هذا الفريق إلى أمجاده، ولا ذاك إلى توهجه!

المبهج حقًا في البطولة الأوروبية هو مشاهدة الجماهير وهي ترقص وتغني وتحمل أعلام بلادها في المدرجات، في دلالة واضحة على إمكانية عودة الحياة إلى طبيعتها قريبًا.

في الدورات الرياضية السابقة، كانت الأعين ترصد الغائبين والحاضرين من اللاعبين والمدربين، الآن بات الهم الأول هو رصد أعداد الجماهير التي تعكس بشكل أو بآخر، مستوى مواجهة الفيروس في هذه الدولة أو تلك!

ومن الواضح كذلك أن الفيروس ساهم بمعدلات متفاوتة في تخفيف حدة التعصب بين الجماهير وبعضهم، وحدة الخروج عن الروح الرياضية بين اللاعبين وبعضهم.. جمهور يحيي بعضه، ويتعاطف معه، ولاعب يبكي ويصلي من أجل خصمه!.

لقد استغرق اللاعبون والمدربون والجمهور معًا أثناء مباراة الدنمارك وفنلندا في الدعاء بل والبكاء فور أن سقط اللاعب الدنماركي كريستيان إريكسن، وهو الذي كان يركض بالقرب من الخط الجانبي للملعب، مستهدفًا الوصول لمرمى الخصم.. وفيما كان المسعفون يحاولون إنعاش قلبه، كان لاعبو فنلندا قبل لاعبي الدنمارك يبكون على أرض الملعب!

على أن المشهد الذي خطف الأنظار في ما بعد كان مشهد لاعب الوسط الفرنسي بول بوجبا وهو يزيح زجاجة جعة (بيرة) كانت موضوعة أمامه خلال المؤتمر الصحافي! ومن لطف الله وحتى لا يتحدث أحدهم عن التعصب، فقد سبقه تصرف مماثل من قائد منتخب البرتغال كريستيانو رونالدو الذي أبعد زجاجتي كولا في موقف مشابه!

والحاصل أن الفتى بوجبا المتسق مع نفسه والذي يعامل زملاءه ومدربيه والجماهير المحبة له بحب واحترام، سلب حبهم جميعًا، وعندما هاجمه البعض يوم أن رفع العلم الفلسطيني عقب تعادل فريقه «مانشستر يونايتد» الإنجليزي مع فريق فولهام، انبرى مدربه غونار سولشاير مؤكدًا أن آراء اللاعبين يجب أن تُحترم.

قبلها وأثناء زيارة فريق يوفنتوس الإيطالي الذي لعب له بوجبا في ديسمبر 2014، ظهر الفتى في مسجد الشيخ زايد، مصليًا ومبتهلاً ومرتديًا ملابس عربية.

وعقب أدائه العمرة، قال «بوجبا» في تصريحات لصحيفة «تايمز» الإنجليزية: «أن أكون مسلمًا؟ هذا يعني كل شيء، هذا جعلني ممتنًا تجاه كل شيء».. «لقد جعلني ذلك الأمر أتغير، أدرك قيمة الأشياء في الحياة، وأشعر بالسلام الداخلي»..

ومضى بوجبا قائلاً: «الإسلام ليس بالصورة التي يراها البعض ويربطها بالإرهاب، ما نسمعه في وسائل الإعلام هو شيء عارٍ عن الحقيقة، إنه شيء جميل، عليك أن تتعرف عليه، يمكن لأي شخص أن يجد أنه على صلة بالإسلام.. إنه حقًا دين يفتح عقلي ويجعلني شخصًا أفضل، ربما تفكر أكثر في الحياة الآخرة».

هذا هو بوجبا أحد أفضل لاعبي الكرة في العالم.. قارن بينه وبين بعض النجوم العرب والمسلمين، الذين انقلب حالهم فجأة، وأصبح الإسلام الوسطي السمح الجميل عبئًا عليهم.. ليس في مجال كرة القدم فقط، وإنما في الصحافة والثقافة والفكر والأدب، وقلته أيضًا!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store