Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
حسن ناصر الظاهري

قمة (بايدن وبوتين) تصفية قلوب.. لا غالب ولا مغلوب!

A A
والتقى أخيرًا الرئيسان الأمريكي (بايدن) والرئيس الروسي (بوتين)، فماذا أسفر عن ذلك اللقاء الذي كانت تترقبه الأوساط السياسية والإعلامية التي وجهت أنظارها إلى (جنيف)؟!.. لا شيء يخص القضايا الهامة في الشرق الأوسط، سوى ما أبلغنا به الرئيس بايدن في مؤتمره الصحفي، إذ قال بأنه أبلغ الرئيس الروسي بأنه لن يتسامح مع محاولات انتهاك سيادة بلاده الوطنية أو زعزعة الانتخابات الديمقراطية، وأنه أبلغه بأن بعض البنى التحتية الحيوية يجب أن تكون بمنأى عن الهجمات، سواء كانت الكترونية أو غيرها، وأن البنية التحتية الحيوية مثل (المياه والطاقة) يجب أن تكون محظورة على القرصنة أو الهجمات الأخرى، وفي المقابل فإن الرئيس (بوتين) ظهر بانطباع آخر عن اللقاء، إذ قال إنه من الصعب القول في الوقت الراهن ما إذا كان يحدث تحسن في العلاقات الروسية الأمريكية في وقت قريب، لكن المحادثات كانت مثمرة، وهناك بارقة أمل بشأن بناء الثقة المتبادلة بين البلدين. وعلى كل حال، فإن الرئيسين قد خرجا بعد هذا اللقاء بانطباع شخصي عن بعضهما، حيث رأى الرئيس الأمريكي في نظيره الروسي بأنه لامع وقاس وخصم قدير، وكذلك رأى الرئيس الروسي نظيره الأمريكي بأنه رجل محترف أمضى حياته في السياسة التي كان لها مزايا وعيوب، ووصفه بأنه رصين مجرب يتكلم اللغة ذاتها وخلافاتهما دومًا (براغماتية). ويبدو أن الرئيس الروسي (بوتين) قارئ جيد للأدب الروسي، إذ دائمًا ما يردد جملة قالها (تولستوي) «في السياسة المهابة أفضل من الاحترام» ولذلك كان حريصًا كما قالت مراسلة الـ(بي بي سي) على التأكيد عدة مرات على أن روسيا كانت قوة نووية، ودولة مهمة، ولهذا جاء (بايدن) للحديث معه، الخلاف بين العملاقين لم يكن وليد اليوم، بل من عام 1917، وقت تشكيل ولادة الاتحاد السوفيتي، نظرًا للتناقض بينهما اقتصاديًا وإيديولوجيًا، لدرجة وصلت بهما لسباق التسلح الذي أثمر عن صناعة السلاح النووي، ولقد مرت العلاقة بحالات توتر وُصفت بالحرب الباردة، أما اليوم فإن الحرب بين العملاقين أصبحت خفية تختلف عن الحرب الباردة في القرن الماضي، حرب اليوم تعتمد على سرقة بيانات وتدمير ملفات، حرب اليوم أسلحتها (سيبرانية)، فالهجمات كما يدعي الطرفان بالآلاف، وهي حرب لاشك بأن لها جانب عنيف من حيث الاختراقات والقرصنة، ونشر الفيروسات، ولقد أصبح من الصعب اليوم تخيل صراعًا عسكريًا دون أن يكون لهذا الصراع أبعادًا الكترونية، ولذلك فإن الرئيسين (بايدن وبوتين) قد ناقشا هذه الاحتمالات الخطيرة تحت شعار (الاستقرار الاستراتيجي) وعدم اطلاق هجمات سيبرانية على أنظمة القيادة والتحكم. ومع أن العالم العربي على الخصوص كان يأمل في أن تتم مناقشة قضاياه في مثل هذا اللقاء الهام، إلا أن الزعيمين الأمريكي والروسي فضلا مناقشة الملفات الثنائية الحساسة التي عليها الخلاف وما تقتضية مصالح بلديهما، وبمعنى آخر لم يسفر ذلك اللقاء عن قرارات أو تحقيق أي تقدم ملموس في كل ما تم طرحه سوى الهدايا التي تبادلها الرئيسان، حيث أهدى الرئيس (بايدن) نظيره الروسي نظارة شمسية مخصصة للطيارين وتمثال من الكريستال لثور أمريكي، من المؤكد أن وراء ذلك مغزى، بينما أهدى (بوتين) الرئيس (بايدن) مجموعة (موسكو) تحوي أدوات الكتابة المزركشة بالتزيينات الروسية، وقد يكون في ذلك حكمة.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store