Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

قصّتي مع سُبابتي!!

A A
لا أستخدم إلّا سُبابة يدي اليُمْنى عند الكتابة في وسائل التواصل الاجتماعي المتوفّرة في الجوّال، فأتنقّل بها وأتنطّط بين الأرقام والقروبات والتطبيقات، ولو كان لسُبابتي لسان لشكتني إلى وزير الموارد البشرية قائلةً إنّني أظلمها بالشُغل الشاق والمؤبّد، وإنّني أنحاز لأصابع يدي الأخرى وهي الخنصر والبنصر والوُسْطى والإبهام وأُرِيحها راحةً تامّة، وهذا عذابٌ لها شديد!.

وهي بذلك غير مُدركة أنّني ما أفعل ذلك إلّا لأنّني أحبّها حُبّ المدير للسكرتير المُطيع والمخلص، وأعتمد عليها وأثق بها ثقة مُطلقة وعمياء، وما زلتُ عندما ألاعب الأطفال وأمسِكُ وأُسمّي أصابع أيديهم ابتداءً بالصغير والعاقل فلبّاس الخواتم فالكبير والمجنون، أقف باحترامٍ عند السُبابة واصفاً إيّاها بِلحّاس القدور، وكفى بما في القدور من طعام لذيذ، ثمّ انتهاءً بالإبهام حيث السؤال عن بيت الضرّة؟ فين بيت الضرة؟ فين بيت الضرّة؟ إلخ إلخ إلخ!.

ومع مرور الزمن بدأتُ ألاحظ تكاثر أخطائي في الكتابة، إذ أكتب أحرفاً غير التي أنوي وأريد، رغم أنّني شاطر وماهر في الإملاء منذ نعومة أظفاري، وهي أخطاء سخيفة لكنّها تُغيِّر معنى الكتابة تغييراً جذرياً وغير مفهوم للقارئ، ووقْعُها على الشخص الذي أراسله يكون فادحاً للغاية، فعلي سبيل المثال أرسل صديق لي رسالة وتس آب طالباً خدمةً بسيطة فرددْت عليه بكتابة كلمة «أبشر» لأفاجأ برسالة أخرى منه يقول فيها: «الله يسامحك يبو صهيب، ما كان العشم»، ولمّا راجعْتُ ما أرسلته له اكتشفْتُ أنّني كتبْتُ كلمة «الشر» بدلاً من كلمة «أبشر» وأنّ سُبابتي ضغطت على حرف اللام بدلاً من حرف الباء المجاور له، والفرق الوحيد بين الكلمتين هو حرف لكنّه يعكس المعنى والمغزى، وهكذا يحصل لي في عشرات الرسائل وعشرات من حوادث سوء التفاهم!.

فإمّا أنّ راحة سُبابتي قد أصابها الاعوجاج والانزلاق الغضروفي من كثرة ما أضغط عليها، وصارت مثل الكرة المُنَسِّمَة تقذفها شمالاً فتذهب يميناً، وتكتب حرفاً مجاوراً لما أريده، وإمّا أنّها تفعل ذلك للإساءة لي وإفساد علاقاتي الدبلوماسية مع الآخرين، وتنتقم منّي، ويا أمان كاتبكم من كلّ شرّ وانتقام!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store