Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

تخيّل أنّك حارس أمن!!

A A
المُخاطَب في عنوان مقالي اليوم «تخيّل أنّك حارس أمن» هو أيّ مسؤول في أيّ جهة معنية بمهنة حراسة الأمن في منشآت القطاع الخاص، وضمير المُخاطَب هو ليس ضمير قواعد النحو واللغة العربية بل ضمير الإنسان الموجود بين أضلاع صدر المسؤول، عسى أن يُؤنّبه ويجعل نفسه لوّامة فيُقرّر حلّ مشكلة هذا الحارس الذي يُعاني معاناة شديدة ما بعدها مُعاناة وما بعدها شدّة!.

أليس العمل في بيئة غير صحية مُعاناة؟ وهو بالمناسبة أكثر أصحاب المهن تعرّضاً لخطر الإصابة بفيروس كورونا لمواجهته المباشرة ودنوّه الجسدي من كلّ أطياف الناس، وأليس تعرّضه لهضم حقوقه المادية والمعنوية هضماً يُشبه هضم إنزيمات المعدة وأحماضها القوية للطعام معاناة؟ وأليس راتبه الضعيف جداً والذي يتراوح بين ١٨٠٠ و٣٠٠٠ ريال معاناة؟ إذ ماذا يفعل الراتب في حضرة الغلاء والضرائب سوى الخنوع والاستسلام؟ وأليس عدم توفير التأمين الطبّي له معاناة؟ إنّ عدم التوفير هو التقصير المُبِين في حقّه، فهو كُتلة إنسانية تأكل الطعام وتمشي في الأسواق وتمرض بالطبع بما يمرض به عامّة البشر، وتوظّفه كحارس أمن لا يعني أنّه «سوبرمان» خارق وقوي وجسده كالحديد والفولاذ!.

وفوق هذه المعاناة، وحسب صحيفة الوطن، تتفنّن بعض الشركات في إجراء الخصومات على راتبه، وتنهش منه كما ينهش الذئب من لحم فريسته حتّى لو كانت هزيلة، إذ تخصم أجرة ٣ أيام عمل عن كلّ يوم غياب، وتخصم ٢٠ ريالاً عن كل دقيقة تأخير بينما قيمة راتبه عن الدقيقة هي هللات قليلة، كما أنّه يعمل ٨ ساعات متواصلة في اليوم دون أخذ قسط من الراحة بعد مرور نصف الدوام، وهو لا يستطيع تملّك سيارة، ولديه في الغالب درّاجة نارية رخيصة للتنقّل بها، ويقودها لمسافات طويلة قد تتجاوز الـ٤٥ دقيقة، في ظروف مناخية غير ملائمة مع حرارة الصيف وبرودة الشتاء، ولا يقدر على الشكوى وإلّا فقد يفقد وظيفته التي يعيش منها دون أيّ دخل مالي آخر يُعينه على تكاليف الحياة المرتفعة!.

فقط أيّها المسؤول، وللمرّة «التسعطعشر»، تخيّل أنّك حارس أمن، نعم حارس أمن وسط هذه المعمعة من المعاناة، وما تفعله لنفسك افعله لكلّ حارس، ولا أزيد!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store