Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريــف قنديل

60 ألفا أو مليونان و600 ألف حاج لا فرق!

A A
بكل ثقة وبلا أي قدر من المبالغة أقول إن 60 ألف حاج، أو 600 ألف حاج، أو مليون و600 ألف حاج، أو مليونين و600 ألف حاج من كل فج عميق لا فرق. هذه الدولة التي اختصها الله بالمشاعر المقدسة مستعدة وجاهزة. أقولها وقد تكررت مرات حجي بتوفيق من الله في العقود الثلاثة الماضية.

أتذكر هنا صهري يرحمه الله «الحاج غريب» كما ظل الناس في قريتي ينادونه طيلة أكثر من تسعين عاما، حين جاء للحج وقد تخلف عنه ذات مرة، نحو ثلاثين عاما، وكيف راح يعبر عن انبهاره بما رآه باكيا ومكبرًا، تنساب دموعه غزيرة وهو يتذكر كيف حج مستخدما «الجمل» ثم «السفينة» ثم «الطائرة»، وحين أخذته من جدة إلى المدينة المنورة بالطائرة، كان يظن أنه في حلم طويل! تمنيت لو قمت بتسجيل انفعالاته انطباعاته صوتا وصورة!

تذكرت أمي يرحمها الله، وكيف حجت معي مرات عديدة، فور انتقالي من لندن إلى جدة، وفي المرة الأخيرة، عبرت عن شكها في ثواب الفريضة! لماذا يا أمي؟ لأنني لم أشعر بأي قدر من التعب! الخيمة مكيفة، والطريق إلى عرفة مشجر، وقطرات الماء يرشها الشباب على الوجوه، والماء مثلج، وصبية يوزعون المثلجات، وفي منى، كانت الخيمة مكيفة، والطريق إلى رمي الجمرات مظلل بل مكيف في أجزاء منه!

عدت لأتخيل حال صهري لو أنه، شاهد ما يشاهده الحجاج هذا العام 1442، وأحرص هنا على تسجيل العام في هذا المقال، فقد تقرؤه الأجيال بعد عشرات الأعوام، وهي تندهش من فرط انبهاري، بما طرأ من إضافات!

والحق أن ما طرأ نقلة نوعية لمسيرة الحج منذ نزل الأمر الإلهي على إبراهيم عليه السلام بأن يؤذن في الناس بالحج. وجاء في تفسير ابن كثير أن قوله: ( وأذن في الناس بالحج ) أي: ناد في الناس داعيا لهم إلى الحج إلى هذا البيت الذي أمرناك ببنائه. فذكر أنه قال: يا رب، وكيف أبلغ الناس وصوتي لا ينفذهم؟ فقيل: ناد وعلينا البلاغ، فقام على مقامه، وقيل: على الحجر، وقيل: على الصفا.

لقد وصلنا الآن بقدرتك يا إلهنا العظيم، وبهمة من سخرتهم لتسهيل الركن الخامس، إلى استخدام كل سبل التقنية والذكاء الصناعي، بداية من مسار الحج الإلكتروني، ثم بطاقة «شعائر الذكية» التي تعمل بتقنية اتصال المجال القريب « NFC» التي تسمح بقراءة البطاقة عن طريق أجهزة الخدمة الذاتية المتوفرة في المشاعر المقدسة، ثم السوار الذكي الذي يقيس الحالة الصحية للحاج (محصن، محصن جرعة أولى، محصن متعافٍ).

وصلنا للروبوتات الذكية التي تعقم المسجد الحرام والمشاعر المقدسة بشكل دوري بالإضافة إلى توزيع مياه زمزم المبردة والمعقمة.

أما طريق المشاعر، الذي يربط عرفات بمشعر منى مروراً بمزدلفة، فبه إضافة للشجر الوارف، العديد من التقنيات الحديثة التي تحسن الجودة، وتقلل المشقة، حيث يحتوي على أكثر من 400 عمود إنارة عالية التقنية، إضافة إلى 810 فوانيس بتقنية إل أي دي، و250 برج إنارة بارتفاع 30 مترا، و100 فانوس بقوة 100 واط.. وتتواصل المسيرة!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store