Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
علي خضران القرني

بين عامٍ مضى.. وعامٍ جديد

A A
* تعرفت عليه في المدينة التي استقر عملي وحياتي الأسرية فيها، وقامت بيني وبينه صداقة يعلوها الوفاء وتمتطيها المودة، احترف التجارة في مقتبل عمره، بعد أن نال نصيباً من المعرفة والدراسة.. فنجح فيها وبات في عداد التجار المشاهير، وكنت دائم الصلة والتواصل معه، وكنت لا أكاد أغيب عنه إلا في فترة تصفية الحسابات التي يجتمع فيها مع العاملين لديه، لاستعراض حركة البيع والشراء خلال السنة المنصرمة ومعرفة الربح والخسارة ووضع العلاج اللازم لها.

* قلت له ذات مرة بعد تصفية حساباته لسنة ماضية، بشر عسى الأمور مطمئنة؟ قال أبشرك إلا أنها لا تخلو من بعض السلبيات، لكنني كتاجر خبير أوازن بين الخسارة والربح والأسباب الداعية لذلك، بمنظار الحكمة والخبرة فتكون النتائج مثمرة ومحمودة، خاصة وأن تجارتي ولله الحمد خالية من دواعي الغش والربا ومشتقاته، وما يتعارض مع رسالة التجارة الصالحة من حيث التيسير على الناس وتقدير ظروفهم.

* قلت في نفسي.. ونحن نودع العام 1442هـ الذي أفل نجمه، ونستقبل العام الجديد 1443هـ الذي سطع نوره، لماذا لا نقف برهة من زمن نقلّب خلالها صحائف حساباتنا للسنة الماضية لمعرفة ما تخللها من سلبيات وإيجابيات إن وجدت، أسوة بهذا التاجر وأمثاله الذين يقيمون تجارتهم في نهاية كل عام لمعرفة الربح من الخسارة ويعملون على تصحيح مسارها التجاري رغبة في النجاح وتلافي الخسارة؟

* نعم.. ونحن نودع عاماً عشنا خلاله الحلوة والمرة، والسهل والصعب والأمل والألم والإيجاب والقبول بهموم الحياة وأفراحها وأتراحها، ونستقبل عاماً جديداً وقد تهيأنا لأحداثه وما قد يتخلله من مواقف ومتغيرات ومقابلتها بالحكمة والصبر والاحتساب ونعلم يقيناً إننا قد لا نعيش للعام القادم، فالآجال بيد الله يقدرها كيف يشاء.

لذا فإن محاسبة النفس بالنسبة للإنسان المتدبر لصنع الله ووجوده في الدنيا لا تنحصر في وقت وتاريخ معين، بل يجب أن تشمل حياته الشاملة ليكون مستعداً لقرب الرحيل ونهاية المصير وقد جمع مخزوناً من الأعمال الصالحة تظلله يوم لا ظل إلا ظله، ويحظى بالجائزة التي وعد بها الصالحون من عباد الله في الآخرة، ألا وهي جنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للمتقين.

* ذلك ما نرجوه، ونذكّر به أنفسنا ونحن على أعتاب عام جديد نأمل أن يكون عام خيرٍ وبركة وسلام ووئام على الأمتين العربية والإسلامية يُنصر فيه الحق، ويُدحض الباطل، ويُقضى على الفتن ما ظهر منها وما بطن، وتظلُ راية التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله) عالية خفاقة بالأمن والأمان والاستقرار بين شعوب الأرض المحبة للسلام بالنصر والتعاون بعيداً عن الفرقة والشتات إنه سميع مجيب.

** نبض الختام:

عام أطل على البسيطة مؤنس

وكأنها وكأنه الأحلامُ

فجر يطل على المدائن والقرى

وكأنه في الفرحة الأنسامُ

يهدي البقاع سروره وحبوره

وكأنه في العالم الأيامُ

وجه أبي سافر في حسنه

وعليه من حسن الكلام كلامُ

(د. سالم رزيق عوض)

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store