Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

نظام مكافحة التستر.. استعادة 300 مليار ريال من «دهاليز» الاقتصاد الخفي

نظام مكافحة التستر.. استعادة 300 مليار ريال من «دهاليز» الاقتصاد الخفي

30% من الغرامة للمبلغين عن مخالفي النظام

A A
وسط حالة من الترقب ، تدخل لائحة نظام مكافحة التستر التجارى حيز التنفيذ في 23 أغسطس الحالي، في ظل توقعات بتجفيف منابع هذا النشاط بأضراره الاقتصادية المختلفة التي تكبد الوطن خسائر بـ 300 مليار ريال سنويا وفق الإحصاءات الرسمية وتأكيدات الخبراء.

وقد منح النظام المخالفين لأحكامه قبل تطبيقه فرصة لتصحيح أوضاعهم امتدت لستة أشهر ، كما وفر لهم خيارات متعددة سواء كانوا سعوديين أم غير سعوديين، من أبرزها إعفاء مَن يتقدم إلى وزارة التجارة للتصحيح من العقوبات المقررة وما يترتب عليها من دفع ضريبة الدخل بأثر رجعي، وتبقى الأسئلة مشروعة ، هل سيتراجع التستر التجاري، وهل سيستفيد الاقتصاد من الأموال التي كانت ترسل للخارج، وهل سنرى الكثير من السعوديين وقد نفضوا غبار الكسل وتوجهوا لإدارة مشاريعهم بدلا من انتظار الفتات شهريا.

300 مليار ريال خسائر الاقتصاد الوطني

يقول هشام محمد كعكي رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بمكة المكرمة ، نائب رئيس اتحاد الغرف السعودية: يعتبر المواطن متستراً على الوافد في حالة تمكينه من استخدام اسمه أو ترخيصه أو سجله التجاري الأمر الذي يضعهما تحت طائلة القانون كما يعتبر الوافد متستراً إذا حصل على ترخيص استثمار أجنبي وقام بتمكين وافد آخر من العمل لحسابه خلافاً لنظام استثمار رأس المال الأجنبي، حيث يؤدي التستر إلى تهرب الوافد مـن الرسوم التي يتطلبها النظام مـن خلال عقد صوري بالراتب والميزات. ويشير كعكي إلى أن الأثر المتوقع من تطبيق النظام سيكون فعالا وظاهرا على المنشآت الصغيرة والمتوسطة، والمستثمر والمستهلك ، حيث ستزول معظم المظاهر الضارة بالاقتصاد جراء أعمال التستر، وهي تمتد من التأثير على سياسات الاستقرار الاقتصادي وتشويه المؤشرات التي يُرتكز عليها في صناعة القرارات الخاصة بالبطالة والأسعار والنمو، كما سيوقف الهدر في هجرة الأموال ومظاهر الاقتصاد الخفي الطفيلية، واضعاف الكفاءة الاقتصادية وتوزيع الموارد، واحتكار الأنشطة، وزيادة الأعباء على المرافق العامة، مشيرا إلى أن التستر يكلف المملكة سنويا 300 مليار ريال.

خيارات متعددة للتصحيح ومهلة كافية

قال عبدالعزيز عبدالله بن عبيد ـ مستشار قانوني : إن الفرصة التي منحها النظام لتصحيح أوضاع المخالفين والتي امتدت لستة أشهر وفرت لهم خيارات متعددة سواء كانوا سعوديين أم وافدين ، من أبرزها إعفاء مَن يتقدم إلى وزارة التجارة من العقوبات المقررة وما يترتب عليها من دفع ضريبة الدخل بأثر رجعي، كما أتاحت الفرصة للجادين منهم أن يوفقوا أوضاعهم وفق الشروط النظامية كاستمرار السعودي في ممارسة نشاطه الاقتصادي ، أو تصرفه في المنشأة بالبيع أو التنازل ،أو حل المنشأة ،أو الشراكة مع غير السعودي ،أو حصول غير السعودي على الإقامة المميزة ،أو تسجيل ملكية المنشأة باسم غير السعودي ، أو مغادرته المملكة بصفة نهائية ً بعد تقديمه تعهدا بعدم وجود أي حقوق خاصة مترتبة على أي تعاملات أبرمها في المنشأة .

تغليظ العقوبة يُحد من ممارسات التستر

تقول عائشة يوسف العجيل ـ أستاذة القانون: يتحقق في التستر المسؤولية التضامنية والتعاون على الإثم والعدوان و مخالفة أمر الدين الإسلامي، كما أنه يقود إلى جرائم عديدة تهدد اقتصاد الدولة وتحدث فوضى في البيانات والمعلومات والمؤشرات الرسمية التي يستند إليها صناع القرار و حسنًا فعل المشرع حينما جعل العقوبة لهذه الجريمة مغلظة وفي حالة تعدد الأشخاص المخالفين تتعدد الغرامات مع نشر قرار العقوبة على نفقة المخالف وشطب السجل التجاري وإلغاء ترخيصه وتصفية الأعمال الخاصة به و منعه من مزاولة النشاط نفسه مدة لا تزيد عن خمس سنوات، واشارت إلى أن المشرع قد أصاب في تقدير العقوبات التي تؤدي إلى الحد من ممارسات التستر.

النظام يجفف منابع الاقتصاد الخفي

يضرب الدكتور سعيد بن علي الكريديس ـ أكاديمي ومستشار ومدرب قانوني ـ مثالا للتستر بقيام مواطن بتمكين غير سعودي ببيع وشراء المواد الغذائية باستعمال الترخيص الصادر من جهة الاختصاص باسم المتستِر مشيراً إلى أن المادة الخامسة أقرت باختصاص وزاره التجارة بالرقابة وتلقي البلاغات وضبط هذه الجرائم بالاشتراك مع وزارة الشؤون البلدية والقروية والموارد البشرية ووزارة البيئة والهيئة العامة للزكاة والدخل وأي جهة أخرى يرى الوزير اختصاصها وتختص النيابة العامة بالتحقيق والادعاء والمحاكم الجزائية بالنظر القضائي.

ويؤكد الكريديس أن النظام يهدف إلى حماية الاقتصاد الوطني من الاقتصاد الطفيلي الخفي و التضييق على منابعه وسلاسل الإمداد المرتبطة به

5 سنوات سجنا و5 ملايين غرامة لهوامير الاقتصاد الخفي

يشير الدكتور نايف حابس الظفيري ـ المحامي والمستشار القانوني ـ إلى أن نظام مكافحة التستر تناول العقوبات المترتبة علي مخالفة النظام في الفصل الرابع من خلال المواد (9-14).وجاءت أبرز العقوبات في نص المادة التاسعة والتي قررت عقوبتين أساسيتين هما السجن مدة لا تزيد علي خمس سنوات، والغرامة مبلغ لا يزيد علي خمسة ملاييين ريال، أو إحدي هاتين العقوبتين. ويجوز للقاضي الجمع بينهما أو تطبيق إحداهما حسب جسامة الجريمة، و نظرا لدور مثل تلك الأنشطة في تدمير الاقتصاد ضاعف النظام العقوبة في حالة العود. وعرف «العائد» بأنه «كل من إرتكب أيا من الجرائم المحكوم عليه فيها بحكم نهائي خلال (ثلاث) سنوات من تاريخ الحكم عليه».كما اشتمل النظام على العديد من العقوبات الأخرى مثل المصادرة و (التشهير) في حق السعودي، و(الإبعاد) في حق الأجنبي، ونصت المادة الثانية عشر من النظام علي عقوبتين إضافيتين تظهر التشدد الكبير من النظام للحد من جرائم التستر، وهما حل المنشأة محل الجريمة، ومنع المدان من ممارسة النشاط الاقتصادي محل الجريمة وأي عمل تجاري آخر لمدة خمس سنوات تبدأ من تاريخ اكتساب الحكم الصفة النهائية.

التطبيق يهبط بالتستر 95%

تؤكد أنفال محمد العجلان ـ محامية متدربة أن إصدار مثل هذا النظام يُعد خطوة مهمة انتظرها المجتمع طويلا من أجل محاربة ظاهرة التستر التجاري التي أضرت كثيراً ومست عصب اقتصاد الوطن وتركيبته الاجتماعية والأمنية،كما أسهمت في زيادة حالات الغش التجاري، وارتفاع معدل البطالة ، ومن المتوقع بعد تطبيق النظام ولائحته التنفيذية انخفاض التستر إلى 95%، مضيفةً أن القضاء عليه سيوجد فرصا وظيفية و استثمارية ويصحح المسار الاقتصادي.

30% مكافأة للمبلغين

يقول الدكتور أصيل بن ساير الجعيد ـ أستاذ القانون الجنائي ـ إن الغرض من النظام ضمان مزاولة الأنشطة الاقتصادية بشكل قانوني بحيث لا تكون هناك اقتصادات سوداء لا يعلم عنها أحد شيئا ، وقد تتقاطع في كثير من الأحيان مع اقتصاديات الجريمة المنظمة، مشيرا إلى أن النظام تضمن حوافز للتبليغ عن المخالفات وحالات التستر كما ضمن الحماية للمبلغ حيث نصت المادة الثامنة عشر بفقرتيها على الحفاظ على سرية هوية المبلّغين في سجل سري وعدم تضمينها ملف القضية، ولا يخل ذلك بحق النيابة العامة في طلب الكشف عن هوية المبلّغ إذا تطلب إجراء التحقيق ذلك وفق إجراءات تضمن الحفاظ على سرية هوية المبلّغ و تمنح بقرار من الوزير مكافأة مالية لا تزيد على (30%) من الغرامة المحصلة عن أي جريمة أو مخالفة منصوص عليها في النظام لمن يبلغ عنها -من غير المختصين بتطبيق أحكام النظام- إذا قدم معلومات يصلح الاستناد إليها في البدء في التحقيق، وصدر حكم نهائي بثبوت الجريمة أو أصبح القرار نهائيًّا بثبوت المخالفة، ولم يكن ذاك المبلغ مدانًا فيها.

يؤدي إلى جرائم الاحتكار والرشوة والتزوير

تؤكد الدكتورة نجلاء عبدالرحمن الحقيل ـ أستاذ القانون المساعد ـ أن التستر التجاري يعتبر من أسوأ الجرائم المضرة بالاقتصاد الوطني، مشيرة أنه ليس جريمة مستقلة بذاتها، وإنما يستتبعها جرائم أخرى، مثل التهرب الضريبي والجمركي، الاحتكار، الرشوة والتزوير لتجاوز الأنظمة الوطنية، وتكديس المنتجات ذات الجودة المنخفضة والمقلدة في المنشآت المخالفة وغيرها ومن هنا تنبع خطورة هذه الجريمة. وقد أحسن المشرع في توضيح صور التستر التجاري وأدواته من خلال النظام واللائحة اللذين لم يُقصراه على أنشطة محددة، وإنما شملت جميع أنواع الأنشطة التجارية، بما فيها التجارة الإلكترونية.

الأنظمة السعودية تكفل حقوق الجميع

يؤكد الدكتور عبدالله بن سودان المويهي ـ مدير شركة للمحاماة والاستشارات القانونية إن الأنظمة السعودية تتميز بمراعاة المصالح العامة وحفظ الحقوق لأنها مستمدة من الشريعة الإسلامية ، لذا نلاحظ أنه إذا صدر أي نظام وخشي منه من تضرر الحقوق الخاصة فإن الدولة تتخذ الإجراءات التي تكفل حفظ هذه الحقوق، وتضمن عدم التعدي عليها ، ومن امثلة ذلك لما صدر نظام مكافحة التستر الجديد بالمرسوم الملكي رقم (م/4) وتاريخ1/1/1/1442هـ وبعد صدور لائحته التنفيذية ، صدرت لائحة تصحيح أوضاع مخالفي النظام متضمنة فترة تصحيحية حتى 23 أغسطس، يمكن من خلالها تصحيح أوضاع المخالفين بما يضمن الحفاظ على حقوقهم وقد بادر عدد من مخالفي النظام إلى تصحيح أوضاعهم واستفادوا من هذه المبادرة.

خطوة كبيرة باتجاه تحقيق مستهدفات الرؤية

يقول هشام بن محمد المهنا ـ المستشار المالي والاقتصادي ـ : تعد اللائحة التنفيذية لنظام التستر التجاري ذات أهمية بالغة وضرورة قصوى في تقليل الآثار السلبية الناجمة عن الأوضاع الراهنة ودعم الجوانب الإيجابية في المنظومة التجارية لا سيما في ظل نمو حركة التجارة واستقطاب المستثمرين من مختلف بقاع العالم، كما ستسهم في تنظيم الأسواق المحلية سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، مع دعم كافة أطراف المنظومة التجارية بهدف تناغم المنظومة الاقتصادية ككل بالإضافة إلى المنظومة العدلية.

ويضيف المهنا أن النظام يمثل الركن الأساسي في تطوير الآليات والإجراءات التجارية التي سيُعمل عليها لاحقا من خلال رسم الخطط في النظام السعودي التجاري والرفع من جودة البيئة المحلية ومنافستها عالمياً.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store