Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
حسن ناصر الظاهري

واشنطن وحلفاؤها يديرون ظهورهم للأفغان!

A A
من المعروف أن القوى الكبرى أخذت تلعب دوراً مباشراً في الشئون الداخلية للدول النامية، تتدخل مرة باسم الديمقراطية، ومرة باسم التدخل الإنساني، وهي من أكثر صور التدخل المباشر انتشاراً، ولقد رأينا الكثير من مثل هذه التدخلات، هناك مثلاً، التدخل السوفيتي في أفغانستان وفي بعض دول أوروبا الشرقية، والتدخل الروسي في سوريا وغيرها، والتدخل الأمريكي في كل من فيتنام وأفغانستان والعراق وليبيا، وكل تلك التدخلات باءت بالفشل.

فقد غزا السوفيت أفغانستان في أواخر السبعينيات الميلادية دعماً للحكومة الشيوعية آنذاك، وخاضوا حرباً مع حركة المقاومة الأفغانية، ثم بعد ذلك انسحبوا في 1989بعد هزائم كبّدتهم مئات الآلاف من القتلى والجرحى، ولم تذهب الولايات المتحدة بعيداً، إذ تدخلت في الصراع الفيتنامي بحجة مناهضة الشيوعية، ووقفت إلى جانب فيتنام الجنوبية، لكنها أُجبرت على الانسحاب في 1973 حيث قُتل (58318) جندياً معترفة بهزيمتها، وتم توحيد الفيتناميتين، وأصبحت تحت مسمى (جمهورية فيتنام الاشتراكية).

وكذلك الحال تدخلت واشنطن في العراق عندما غزته في 2003، وخسرت (4487) جندياً قُتلوا في المعارك حتى عام 2010، فيما كان عدد القتلى العراقيين ما بين (97461/ 106348) قتيلاً، لكنها أيضا أُجبرت على الانسحاب الذي أتاح المجال لإيران للتحرك بحرية في الداخل العراقي، وعملت على الاستفادة من الفراغ من أجل تعديل موازين القوى داخل العراق لصالح القوى السياسية المتحالفة معها.

وكانت قبل ذلك قد غزت أفغانستان عام 2001 وأطاحت بحركة (طالبان) متهمة إياهم بإيواء عناصر (القاعدة) وزعيمهم (أسامة بن لادن) وشخصيات أخرى مرتبطة بهجمات 11 سبتمبر، إلا أنهم لم يستسلموا، وكافحوا طوال 20 عاماً من أجل استعادة سلطتهم ومغادرة القوات الأجنبية حتى تحقق لهم ذلك بعد أن قررت الولايات المتحدة الانسحاب من أفغانستان للضرر الذي أحاق بها بموجب اتفاق وقعته في الدوحة مع (طالبان) مقابل التزام الحركة بعدم السماح لـ(القاعدة) أو أي جماعة متطرفة أخرى بالعمل في المناطق التي يسيطرون عليها، مما أكد بأن حكم (طالبان) قادم لا محالة، إذ حققت مكاسب على الأرض قبل وأثناء الانسحاب، وما على الشعب الأفغاني إلاّ أن يوازن بين خيارين، خيار الحرية مع غياب الأمن، أو خيار غياب الحرية مع توفر الأمن الذي تنتهجه حركة طالبان، لاشك أنها معادلة صعبة على مجتمع متدين يعشق الحرية، ماذا يعترض مسيرة (طالبان) بعد فرار رئيس الجمهورية وأعضاء حكومته من أن تفرض سيطرتها على البلاد، وبعد الانسحاب الأمريكي الذي وصفه الرئيس (بايدن) بأنه إنقاذ للأرواح؟! .

لقد كان قرار الانسحاب الأمريكي الذي تم التوقيع عليه مع (طالبان) صادماً، وطعنة في ظهر الحكومة الأفغانية التي انهارت في غضون ساعات، وليس غريباً على واشنطن هذا التخلي السريع، لقد رأيناه في فيتنام والعراق قبلاً، كان أمر انتزاع الحكم من (طالبان) عام 2001 ومن ثم تسليمها لهم من قبل الولايات المتحدة في 2021 أشبه بدور (استلام وتسليم) في المفهوم الإداري والعسكري.

لقد قالها (جون كيري) الناطق باسم البنتاغون عن الأفغان (هذا بلدهم الذي يجب أن يدافعوا عنه، هذه معركتهم هم).

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store