Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عجب

الشحاذة على أبواب المواقع!!

A A
ربما أندثرت مظاهر الشحاذة عند إشارات المرور، عند الحدائق، والكورنيش، والميادين، وعند أبواب الجوامع، واندثرت معها تلك الوجوه الشاحبة والملامح البائسة والملابس الرثة لأولئك الأطفال المحتاجين الذين يبيعون العلكة أو الماء أو الفوط، تلك الممارسات التي تعد إحدى وسائل التسول المقنعة، كونها لا تصلح لأن تكون مهنة كافية للتكسب المشروع، لقد اندثرت كل تلك المظاهر، وظهر بدلاً عنها؛ (الشحاذة على أبواب المواقع)!

لقد تحولت مواقع التواصل إلى (أوكار شحاذة) ليست للمحتاجين فقط، وإنما لمشاهير الفلس، الذين لا يتوانون عن شحاذة الرتويت أو الفلو أو الاكسبلور، لأجل زيادة المتابعين، والإثراء دون سبب من وراء الإعلانات التجارية، متسترين خلف منتجاتهم الفكرية الضحلة والتي لا يمكن اعتبارها -هي الأخرى- مهنا ذات قيمة كافية لتكون مصدراً للرزق المشروع!

لقد تشكلت بزمننا ممارسات الشحاذة المقنعة، هناك من يبيعك -بقوة عين- سخافته وثقل دمه، هناك من يعرض عليك دون خجل مقالبه البائخة، هناك من تقسط عليك مفاتنها الخلفية، هناك من تستعرض بالغربة مفاتن بناتها، هناك من يغثك بعلاقته الحميمية بزوجته، من يروج لألعاب أولاده الساذجة، من يحاول إقناعك بأنه تمساح لا هم له سوى إشباع نهمه للأكل، وهناك من تجاوز كل الحدود وهو يسيء للرسول صلى الله عليه وسلم أو يسخر من الأذان والصلاة ليلفت الانتباه!!

لقد تم إقرار نظام مكافحة التسول، ليشمل مظاهر الشحاذة بمواقع التواصل، والذي يعتبر عرض السلع التي لا قيمة لها شحاذة مغلفة، لهذا أتوقع في أول حملة تشنها فرقة مكافحة التسول سوف تكتظ شحرورتها بالمتسولين الإتيكيت الذين شوهوا مجتمعنا بممارساتهم وغيروا مبادئه القيمة بعقولهم الفارغة، كما اتوقع أن يأخذ كل منهم سلفي أخير مع بقية الشحاذين المشاهير قبل ايداعهم السجن لممارساتهم المخلة!

وحتى يطبق نظام مكافحة التسول، لا تستغرب إن توفي إنسان فقير (فكرياً) تعرفه، واكتشف ورثته أن لديه ثروة (متابعين) بالملايين لوكره أقصد لحسابه الذي كان يديره باسم مستعار فهو مجرد شحاذ جمع كل هذه الثروة الطائلة من (التسول على أبواب المواقع)!


contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store