Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
حسن ناصر الظاهري

طالبان.. قطع العلاقة مع الغرب وترحيب بالصين!

A A
لا شك بأن السقوط السريع والمريع للحكومة الأفغانية وفرارها والذي جنت ثماره حركة (طالبان) قد أسعد القوتين العظميين (الصين وروسيا)، ولكنه في نفس الوقت أثار جدلاً شديدًا في (تايوان) التي تتخوف من أن يواجه سكان الجزيرة المصير نفسه أمام أي غزو صيني، خصوصًا بعدما نشرت وسائل الإعلام الصينية بأن مصير (كابول) أظهر (لتايوان) أنها لا يمكنها أن تثق في (واشنطن)، كما وجهت حديثها للحكومة التايوانية بقولها (أنظروا ماذا سيحدث لكم إذا راهنتم على الولايات المتحدة).

تخشى الصين من أن تصبح (أفغانستان) بعد حكم (طالبان) ملجأ للعناصر المتشددة والانفصالية مثل (الإيغور) المسلمة، ومن تقويض مصالحها الاقتصادية جراء استمرار العنف داخل أفغانستان، وهي تتطلع بعد الانسحاب الأمريكي لتعزيز مشروعها الاقتصادي الضخم (طريق الحرير) الذي انضمت إليه كابول عام 2016، ولذلك استبقت الانسحاب الأمريكي باستضافة اجتماعات عام 2019 عقدها وزير الخارجية الصيني مع ممثلي الحركة بشأن عملية السلام والقضايا الأمنية والسياسية والاقتصادية والقضايا المرتبطة بأمن البلدين والوضع الراهن في أفغانستان، وهو ما اعتبره البعض بأنه اعتراف بالحركة، أعقبه اجتماع آخر في يونيو 2021 أكدت فيه الصين التزامها بمواصلة مساعدة الحركة، حتى إن البعض أشاع بأن الصين هي من كانت تقف خلف هذا السقوط السريع بفضل الدعم العسكري والفني الذي قدمته لحركة (طالبان)، وقد يكون ذلك صحيحًا، فـ(طالبان) رفضت إدانة اضطهاد الصين للمسلمين في إقليم (شينجيانغ)، بل وتعهدت بأنها لن تؤوي مقاتلي (الإيغور) في الأراضي الأفغانية، وكان لابد هناك من مقابل تدفعه الصين، إذ تعهدت بإعادة إعمار أفغانستان في أقرب وقت ممكن.

الغرب منخرط في العديد من النزاعات والصراعات في كل القارات، ولكنه دائمًا ما يكون الخاسر، وما هو واضح هو العزم المتجدد بين القوى الغربية على مواجهة الصين الناشئة والقوية على نحو متزايد، ورغم أنها استهدفت الصين بالعقوبات وحظر السفر وتجميد الأصول إلا أن ذلك لم يكن ذا أثر، بل وظهر الرئيس الصيني في خطاب له مهددًا الولايات المتحدة ودول الغرب قائلاً: (إن الشعب الصيني لن يسمح أبدًا لأي قوة أجنبية بالتسلط عليه أو قمعه أو إخضاعه، وأن كل من يجرؤ على القيام بذلك ستسحق رأسه وتخضب بالدماء على سور الفولاذ العظيم الذي صنعه ما يربو على (1,4) مليار صيني).

ومع أن الرئيس الأمريكي (بايدن) قال: إنه لن يسمح للصين بريادة العالم لأن الولايات المتحدة ستستمر في التوسع والنمو المستقر، فإن التوجيهات الاستراتيجية المؤقتة للأمن القومي أكدت بأن الصين هي المنافس الوحيد المحتمل أن يكون قادرًا على الجمع بين الاقتصاد والدبلوماسية والقوة العسكرية والتكنولوجية لتحدي النظام الدولي الحر المستقر.

هناك إجماع في (واشنطن) حول التصدي لـ(بكين) بلغ أوج حدته في عهد الرئيس السابق (ترامب) ويأمل الرئيس (بايدن) في أن يسير على نفس الاتجاه، فهل تفاجيء الصين الولايات المتحدة بالانقضاض على (تايوان) كما فعل الطالبان في أفغانستان؟! لا أحد يدرك ماذا يخبئ المستقبل.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store