Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

في الجنّة وليس له شبيه!!

A A
لطالما توقّفَ كاتبُكم مذهولاً في حضرة الآية القرآنية الكريمة رقم ١٦ في سورة الإنسان، «قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً»، وهي تصف أقداح الجنّة التي يطوف بها الوِلْدان المُخلّدون على أهلها بما فيها من خمْرٍ هي لذّةٍ للشاربين.

والسبب ببساطة هو أنّني أعلم أنّ مادّة القوارير هي الزجاج، وأنّ الزجاج قليل الكثافة، بمعنى أنّ حاصل تقسيم كُتلته على حجمه قليل جداً، بينما الفضّة كبيرة الكثافة، مثلها مثل الذهب والألماس والحديد وغيرها من المواد الصلبة.

ومن المستحيل في علوم الهندسة الصناعية تحويل الفضّة لتكون شفّافة كالقوارير، فيُرى ما في باطنها من ظاهرها ولا تُكسر في نفس الوقت لجودتها ومتانتها، مهما بلغ صانعها من مهارة تقنية وشأن صناعي، حتّى لو كان يابانياً ماهراً، أو صينياً حاذقاً، أو ألمانياً نابغاً، وهنا يظهر الإعجاز الإلهي في الجنّة التي فيها ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر، إذ صار المستحيل مُحقّقا، والصعْبَ سهْلا، والكثيف رقيقاً وشفّافاً دون أن يُكسر أو حتّى يُخدش، ويُصبح لائقاً بِنُزُل الله عزّ وجلّ في جنّته العالية.

وقد قال عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما-: إنّه ليس في الجنّة شيء إلا وفي الدنيا شبيهاً له، إلّا قوارير الفضّة المُقدّرة تقديرا، فسبحان الله الخلّاق العليم.

وهكذا سيتعجّب أهلُ الجنّة من رؤية قوارير الفضّة، ويستمتعون بشُرْب الخمر التي ليس فيها نزْف ولا غوْل، جزاءً لهم على طاعتهم لربّهم بتحريمها في الدنيا.

وفي الجنّة الموعودة للمؤمنين، توجد مصانع إلهية وصُنّاع من الملائكة الذين يعكسون قوانين الدنيا الطبيعية والفيزيائية والكيميائية والفلزّات بسرعة الضوء أو أكثر بإذن ربّهم، فيجعلون الفضّة السميكة تبدو كما لو كانت زجاجاً رقيقاً، ولكم أن تتخيّلوا هذه القوارير بسماكتها القليلة التي قد تكون أجزاء صغيرة من الميللمتر، ومع ذلك ليست قابلة للكسر مثل قوارير الدنيا، مع ما فيها من غاية الصفاء ومُنتهى النقاء وقمّة الجمال وروعة البياض، وهي مصنوعة بأحجام بقدر ما يحتاج إليه الشاربون من أهل الجنّة، وبقدر ما يرويهم دون زيادة أو نقصان، وبقدر أكفّ أياديهم وأيادي الوِلْدان.. فاللهم اجعلنا من أهل الجنّة دون حِرْمان.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store