الأطفال ليسوا وحدهم من ولعوا بالأساطير وقصص الخيال، كبار السن أيضًا مولعين بالأساطير وقصص الخيال، هذه حقيقة أثبتتها النسب العالية من المشاهدات لمسلسلات الأكشن وأفلام الرعب، وأظهرتها دقة المعلومات التي يمتلكها هؤلاء عن أحداث ووقائع هذه الأفلام، ولعل تعلق الكثير منهم بمزاولة الألعاب الإلكترونية العنيفة على وجه الخصوص برهان آخر على ذلك.
الإنسان كائن مغرم بطبعه بكل ماهو جديد، وقد جُبل على حب الاكتشاف وشغف الاستطلاع، يسترعي انتباهه عالم النجومية ويتطلع إليها، وتلفت أنظاره الأساطير الخارقة الخارجة عن سياق العادة، وتجذبه قصص الشخصيات القوية وروايات العناصر المبهرة، أيٕ كانت درجة هذه القوة ومهما كان منحى هذا الإبهار، خيراً كان أم شر، هكذا هي النفس البشرية، ميالة الى معرفة المجهول وسبر أغواره.. ولأن وجود الأساطير في قصص الخيال وفي روايات الشر كثيرًا ما تجذب المشاهد وتفتح شهيته لذلك أصبحت محطة أنظار المنتجين السينمائيين الذين يسعون من خلال ذلك الى العمل على تجسيد هذه الشخصيات وتفريغها في أعمال تلفزيونية، بحيث تعرض للمشاهد للتعريف به وحتى تعود عليهم كذلك بمردود مادي عظيم.
في الثمانيات والتسعينات الهجرية لاقت الأفلام الهندية رواجًا كبيرًا ومنقطع النظير، ونحن في مرحلة الطفولة المبكرة وفاصل المراهقة المتأخرة، كنا مولعين بشكل كبير بالسينما الهندية، مولعين بها إلى حد الهوس، هوس التقليد، إن الخيال الواسع الذي كان حاضرا وبقوة في عمليات تقمص أدوار الشر المتواجدة في جميع الأفلام الهندية بلا استثناء، كانت من أهم عوامل الجذب والتشويق بالنسبة للمشاهد، وغالبًا ما تنتهي الأفلام الهندية نهاية مأساوية بالنسبة للمجرم الشرير، مع ذلك يستحوذ هذا الشرير على قدر وافر من القبول والإشادة من قبل المشاهد.
هذه الأيام يتداول الناس بشكل أو بآخر وعلى نطاق واسع مقاطع فيديو مصورة لبعض الشباب والفتيات تقمصوا دور (رشاش) ليس على سبيل العبرة وأخذ العظة بل على سبيل الاستعراض والتقليد الأعمى ومحاكاة لأفعاله، فتنوا بأفعاله الاجرامية، فعلى الرغم من أن رشاش هذا شخصية إجرامية مع سبق الإصرار والترصد وقاطع طرق بدرجة امتياز إن صحت العبارة إلا أنه حظي بإعجاب غريب من قبل فئة قليلة من شباب المجتمع، فأخذوا يتحدثون عنه بشيء من الفخر والتفاخر رغم أنها شخصية روعت العباد وعاثت في الأرض الفساد.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
