Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

سارة الخريجي: النظام التعليمي في فنلندا الأول عالمياً ويصلح تطبيقه بالمملكة

سارة الخريجي: النظام التعليمي في فنلندا الأول عالمياً ويصلح تطبيقه بالمملكة

قالت أن رؤية 2030 أجمل حدث في حياتها وسترتقي بمستوى التعليم السعودي

A A
أكدت الباحثة والمستشارة التربوية والتعليمية سارة بنت عبدالقادر الخريجي، أن نظام التعليم في دولة فنلندا، يعد من أفضل الأنظمة التعليمية في العالم، وهو الأول عالمياً، ويصلح تطبيقه في كل مكان.

وأشارت إلى أنها ذهبت إلى هناك ودرست في المدارس الفنلندية، ووجدت لديهم أسلوباً علمياً مميزاً تطمح لتقديمه في مناهجنا ومدارسنا السعودية.

وقالت إنها وضعت في كتابها الجديد «التعليم المطوّر من وجهة نظر فنلندية» كل ما تسعى لتحقيقه من أجل النهوض بالمستوى التعليمي لطلابنا وطالباتنا ومدارسنا في المملكة العربية السعودية.. المستشارة سارة الخريجي تحدثت لـ «المدينة» عن الكتاب الجديد من واقع خبراتها وتخصّصها في المجالات التربوية والتعليمية..

بيئة سعودية بمعايير عالمية

* بداية حدثينا عن كتابك الجديد «التعليم المطوّر من وجهة نظر فنلندية».. متى بدأتِ كتابته.. ما مضمونه وأهدافه.. وما هو مفهوم التعليم المطوّر؟.

- الكتاب مخرج من بحث عملته واستغرق مني حوالى من أربع إلى خمس سنوات، بحث شامل للمدارس في المملكة العربية السعودية، الحكومية والأهلية والدولية، والمخرج منه هو سد الحاجة التي تواجههم في التنسيق الإداري ومخرجات المعلمين. من ناحية ثانية، الكتاب يقدم الفكرة بشكل مفصّل عن المنهج الفنلندي من ناحية التدريس والنظام الإداري هناك داخل المدارس.

أنا مكثت في فنلندا عدة سنوات، تدرّبت في مدارسهم، واشتغلت هناك، ورأيت أشياء كثيرة نستطيع عملها هنا في السعودية، وهي أشياء إيجابية صالحة للبيئات المدرسية بالمملكة، كلها أخذتها وكتبتها في الكتاب. في الخمس سنوات التي اشتغلتها على هذا الكتاب، كنت أذهب إلى المدارس هنا، وعملت وتنقلت في أكثر من مدرسة، رأيت المشكلات التي تعاني منها الدوائر الحكومية، والمعايير المطلوبة من الوزارة نفسها، وحاولت إيجاد طريقة لأقدّم ما أستطيع تقديمه من ناحية الدعم الفني الشخصي من حكمي الخاص على المشكلات أو احتياجاتنا في البيئات المدرسية، ووضعتها في البحث الذي كنت أحاول أن أقدّمه كإطار للمدارس، وكان ذلك صعباً، فقررت قبل أقل من سنة أن أقدّمه في كتاب. وأكثر ما اعتمدت عليه في الكتاب جزئيتين، الأولى بناء بيئة سعودية بمعايير عالمية عالية جداً ومخرجات طلاب مميزين، وتتبّع الاستراتيجيات الفنلندية من المفاهيم والتطبيق الفاعل في البيئة، والجزئية الثانية الخطة الفردية للطالب، هذه كانت أكثر شيئين ارتكزت عليهم. الخطة الفردية للطالب هذا أمر يُطبق في فنلندا لأن عندهم هناك يوجد دمج بين جميع فئات الطلاب العاديين ومن ذوي الاحتياجات الخاصة، لا يوجد عزل بينهم، ليس عندهم مراكز توحد أو غيرها، كلهم مع بعض في مدرسة واحدة، وكل ذلك يتم بتنسيق مفصّل ومنظم بشكل رائع لكي يقدّموا للطلاب جميع احتياجاتهم.

وتتابع: عندنا في السعودية الخطة الفردية ترتكز على الإرشاد التربوي بعيدا عن الأكاديمي، لا يوجد خطة فردية أكاديمية، بينما في فنلندا عندهم الاثنين مع بعض، يتم وضع خطة لكل طالب، سواء كان هناك طالب مخرجاته الدراسية عالية أو مستواه منخفض أو كان من ذوي الاحتياجات الخاصة، كل واحد تُعمل له خطة، بعدها خطة دعم ثانية للذين لديهم صعوبات في مادة معينة، وهذا ما يسمونه الدعم المكثف، ثم تأتي الخطة الثالثة وهي لذوي الاحتياجات الخاصة، إذا كان الطفل عنده مشكلة مثل فرط حركي أو توحد، هناك لديهم طريقة التنظيم رائعة جداً، وأنا طبعا في كتابي لم أفصّل هذه الناحية بشكل موسّع، ولديّ فكرة لعمل كتاب ثان خاص عن هذه الناحية تحديداً، ففي فنلندا يوجد داخل كل مدرسة مركز مخصّص لذوي الاحتياجات الخاصة، يقومون بتقسيم الجدول الدراسي الخاص بالطالب بما يلائم احتياجاته الخاصة، ويتابعون حالته.. قوية أو ضعيفة، وعلى حسب حالته إذا كان طفل عنده توحد أو فرط حركي، يتم تقسيم جدوله المدرسي، فيمكن له أن يقضي نصف اليوم الدراسي داخل المركز، ثم يكمل النصف الثاني مع الطلاب العاديين في الفصول بالمدرسة، والهدف أن هذا الطفل جزء من المجتمع، ولابد أن توجد علاقة بين الطفل الطبيعي والطفل الذي عنده مشكلة، ولكي لا نشعره أنه إنسان خارج هذه الدائرة.

في كتابي وضعت مخرج لبيئة متوازنة إنسانية، والمطلع على الكتاب سيجده مفصّلاً، فيه فصول، وكل فصل يقدّم الأمور التي نحتاجها لكي نطوّر التعليم من ناحية القيم الإنسانية والسلوك الاجتماعي. في السلوك الاجتماعي مثلا تكلمت عن الثقافة السعودية، نحن كدولة حضارية لها تاريخها وتتعامل مع كل شعوب العالم، ولدينا أعداد المقيمين عالية جدا، لابد كدولة حضارية أن يكون لدينا القبول الاجتماعي، والقبول بتعدّد الثقافات، يعني مثلا من المهم أن يكون في مدارسنا مراكز لغات لنستطيع التفاعل مع هذه اللغات المقيمة عندنا.

التعليم المطوّر وتطوير المعلم

وتضيف الباحثة سارة الخريجي: سبق قدمت في جريدة المدينة البحث وفيه مخرجات للطلاب الذين أريدهم، وهذه المخرجات التي أنا قدّمتها كانت جزءًا من التوقعات العالمية لخطة 2030 التي صمّمتها منظمة التنمية الاقتصادية العالمية، وكانت الزيادة التي وضعتها من عندي في الكتاب هي القبول بالرسوب.. والقبول بالضعف وأن ترجع ثانية لكي تبني نفسك من جديد. هناك أمر آخر، اليوم أصبح الإنترنت مفتوحاً، وهذا تسبّب في خلافات بين الثقافات القديمة والجديدة والعادات والتقاليد، لهذا.. نحن اليوم نحتاج إلى أن يكون لدى الأولاد وعي أكثر، بأن يستخدم المناسب مع خلفيته ومعرفته، ليس أي شيء يطبّقه، خصوصاً في المعتقدات والعقائد والأشياء التي لا تخصّه شخصيا، فلكي يستطيع أن ينتج ويثمر فإن عليه أن لا يدخل العادات والتقاليد ومعتقداته الخاصة، وأول ما نستطيع نستخدم الكتاب المطوّر هذا، أو التعليم المطوّر هذا، إذا اُستخدم بشكل سليم، وأنا عملته بشكل مرن ومتناغم بحيث كل مدرسة تستخدمه في ما تحتاجه، ووضعت المعايير المتعلقة بالمعلمين، والتي من خلالها يستطيع المعلم أن يثمر أكثر ويكون إيجابياً أكثر ومنتجاً يستطيع أن يفيد طلابه. أنا لم أضع في الكتاب معايير مفصّلة ومحددة تجعل المعلم إذا لم يطبّقها بأنه لا يصلح، بل وضعت معايير عامة يستطيع المعلم أن يستخدمها بشكل سهل جدا، وهي معايير تهدف وتؤدي إلى تطويره.

* من خلال خبراتكِ الواسعة، ألم تفكري بالاستثمار في هذا المجال، كإنشاء مدرسة لتدريس النظام التعليمي الفنلندي؟.

- كان الوالد الله يرحمه ويغفر له يدعمني بشكل كبير جدا، وقبل عشرة سنين، كانت لدينا خطة أن افتح مدرسة فنلندية بالسعودية، لكن وجدت أن ذلك سوف يوقعنا في نفس المشكلات التي واجهتها من قبل المدارس الدولية لدينا في السعودية مثل البريطانية أو الأمريكية وغيرها، لأنك ستحوّل طلابك من طالب سعودي إلى طالب بريطاني أو أمريكي، وهذا الشيء أنا لا أريده، أنا أريد أن يظل الطالب السعودي سعودياً، أريده هو الذي يتطوّر، والمهم عندي أنني أريد وضع كل ما يجعل الطالب السعودي طالباً مميزاً، فصمّمت هذا الإطار، ووضعته في كتابي، وكل الأشياء التي وضعتها في هذا الإطار هي مرنة نستطيع أن نستخدمها بسهولة سواء كنت مدرسة حكومية أو أهلية أو عالمية، لأن الهدف هو إدراج الهوية السعودية، والتفاعل مع الثقافة السعودية بشكل إيجابي وفعال، اليوم التعليم اختلف وأصبح يعود إلى التعليم الذاتي، خصوصا بعد جائحة كورونا، فأصبح علينا تجهيز الطالب نفسيا وذاتيا، وكذلك تجهيز المعلم نفسيا وذاتيا، وأن تجعل المعلم هو نفسه الذي ينتج لهذا الطالب، وتجعل الطالب هو الذي يدرّس نفسه، وكتابي يشرح كل هذه الأمور.

الأولى عالمياً في التعليم

* ما هو ترتيب النظام التعليمي في فنلندا على مستوى العالم؟.

- رقم واحد.. هذا تقريبا من 2006، وأنا شخصياً بدأت اكتشفهم من 2010 واكتشف نظامهم التعليمي، وأحيانا ينزلون للمرتبة الثانية أو الثالثة، ثم يعودون للمركز الأول، وهم أنفسهم يقولون نحن لا نسعد عندما نكون رقم واحد، هذا بالنسبة لنا هم وعبء، لكن اليوم تغيّر الحال، حضرت في 2019 المؤتمر الأول التعليمي الأوروبي والذي أقيم في فنلندا، كان مخرج المؤتمر أنه نحن الأوروبيين لا نريد أن نكون في منافسة مع بعضنا في المجال التعليمي، كلنا نتبع نظام واحد، فأصبحت كل أوروبا اليوم تسير تحت مظلة الاتحاد الأوروبي في التعليم، وقسّموا اختصاصاتهم بينهم، فمثلا فنلندا هي المتخصّصة في البحوث العلمية وهي بالفعل الأول عالميا في هذا المجال، وألمانيا متخصّصة في الجامعات والمناهج، وبلد آخر متخصّص في مجال آخر.. وهكذا قسّموا العمل بينهم، وأنا لما رجعت من المؤتمر اقترحت تطبيق هذه الفكرة في دول الخليج وكل دولة يكون لها تخصّص، واعتقد بذلك أن مخرجنا سيكون أقوى.

* لماذا كان الاجتماع في فنلندا بالذات؟.

- كل الاجتماعات التعليمية في أوروبا تكون في فنلندا، وإن شاء الله المؤتمر المقبل سيكون في 28 يناير من العام المقبل 2022، وسوف أحضره، وللعلم اجتماع العام الماضي حضره 15 الفا و640 معلما ومديرا ومنظومة تعليمية.

* هل ترين النظام التعليمي الفنلندي مناسباً مع مدارسنا ومعلمينا وطلابنا وطالباتنا في المملكة؟.

- في رأيي يتناسب مع أي بلد في العالم، لأن تعليمهم قائم على أداء المعلم، في تعليمهم نجد المعلم هو الذي يضع المناهج، هو الذي يحدد المتطلبات لأبنائه، أهم شيء أن نرى طلاباً مثمرين، ومواطنين يحبون بلدهم. هناك المعلم هو الذي يقوم بكل شيء، وهذا الأمر ممكن أن نطبّقه في أي مكان لو كان المعلم كفء، وقبل كفاءته جودة عطائه، وقبل جودة عطائه الشغف.. يعني أولا الشغف، وثانيا جودة عطائه، وثالثا كفاءته، ثلاثة أشياء من المهم أن تكون لدى المعلم. وللعلم في فنلندا مكانة المعلم في المجتمع كبيرة جداً.

رؤية 2030 أجمل حدث

* أستاذة سارة.. أنتِ أول من مثّل المملكة في التعليم الفنلندي وكان ذلك عام 2012، حدثينا عن هذه المناسبة؟.

كانت فرصة في الحقيقة أن أذهب إلى فنلندا واتقابل مع الكوادر التعليمية هناك من مؤسسات تعليمية وموظفي الوزارة والجامعات ومراكز البحوث، طبعا في البداية لم يقبلوني مباشرة، وكانت فنلندا في ذلك الوقت عام 2012 منغلقة، لا يسمح لأحد أن يدخل مدارسهم، كان عندهم تحفّظ كبير، وهم أساساً كشعب متحفّظين جداً.لما ذهبت وقابلتهم وقلت لهم أنني أود أن أخذ من تعليمكم إلى بلدي، وضعوني تحت اختبارات ومناظرة مع مستثمرين تعليميين عرب، وبفضل من الله فزت أنا بالمناظرة، وبشكل عام الفنلندي لا يهمه كم علامتك في الشهادة، ولا ما ستقدمه من مادة مثلا، إنما لديهم أمور أخرى يركزون عليها، مثل نسبة الشغف عندك.. ونسبة الإمكانات العقلية والذهنية.. وكيف تفكر، بمعنى التركيز على النقاط القوية عندك كشخص، بعدها ينظرون إلى هل انت مطلع على نظامهم التعليمي، فإن لم يكن لديك أي خلفية فأنت في نظرهم لست مؤمناً بهم، عندما وضعوني في المناظرة والحمد لله فزت بها شعروا وأدركوا أنني مؤمنة بهم جدا وعندي خلفية عن نظامهم ودرست النظام الفنلندي بدقة، كما رأوا أمامهم إنسانة تعشق بلادها، ولمسوا الوطنية العالية عندي، وأدركوا أنني مستعدة لعمل أي شيء لأجعل بلدي في القمة، وأقول كلمة وهذه حقيقة قلتها حتى في المناظرة، أنا هدفي أن نكون من الأوائل في العالم، وهذا الذي عجبهم، لأنهم شعروا بما أملكه من إصرار لكي أقدّم ما يجعل بلدي تتقدّم، فعلى هذا الأساس قبلوني، وطبعا طلبوا مني الدخول في برامج ودورات تأهيلية، منها أدرس التعليم الفنلندي وأصبح متخصّصة فيه، ومنها أدخل مدارسهم وأعمل بها، ومكثت هناك تقريبا 3 سنوات، درست وأخذت دورات، وحضرت مؤتمرات واجتماعات، وبالفعل دربوني وجهزوني، وكنت وأنا أدرس هناك أعود لزيارة المملكة بين فترة وأخرى، ومرة تواصلت مع وزير التعليم وكان جداً متعاونا معي، ومؤمناً بما لديّ من أفكار، وكان وقتها الأمير فيصل بن عبدالله. وعندما انتهت فترة الدراسة في فنلندا وعدت إلى المملكة في 2014، وجدت أن فكرة افتتاح مدرسة ستأخذني من هدفي الأساسي، فإدارة المدرسة عملية مجهدة ومكلفة وتحتاج الى تفرّغ تام، وأنا عندي هدف أسعى لتحقيقه، وحالياً وجدت والحمد لله الرؤية السعودية 2030 والتي أصبحت أجمل شيء حدث في حياتي، لأن كل الأنظمة التي وُضعت في الرؤية والتغييرات والتحولات في إدارة التعليم بحسب الرؤية، جاءت بالنسبة لي بأمل كبير أعاد حياتي وأعطاني أمل كبير، هذا الأمل جعلني اتمسّك أكثر بالفكرة وأطمح لتحقيقها، وأن أعمل الكتاب، وقناة في اليوتيوب، وأبدأ أتكلم وأوعي المعلمين، وأروح المدارس بدون أي مقابل، أشتغل وادرّس معلمين لكي أساعدهم.

تطوير الطفولة المبكرة

* أخيراً.. وبحكم تخصّصك أيضاً في مجال تعليم الطفولة المبكرة، ما الذي نحتاجه لتطوير مستوى أطفالنا؟.

- الطفل في بداية حياته يريد أن يعيش في بيئة مستقرة، أهم شيء عنده هو الاكتشاف والإبداع، نحن نحتاج أن نجعل الطفل بعيد عن أي شرط ومتطلبات أكاديمية، لكي يكون مهيأ ذاتيا ونفسيا لدخول المراحل المقبلة. الطفل يريد يكتشف ويلعب ويعرف، ونحن وظيفتنا التي يجب أن تنفق عليها هو بناء أجيال مستعدة أن تكون طموحة لبلدها، فنقدم لهم برامج تجعل الطفل ينتمي إلى أي شيء يقرّبه من مجتمعه، وتجعله يرتبط ببيئة وطبيعة بلاده، ليس كل برامجه ومناهجه رسم وألوان، لا بد إخراجه إلى الواقع والطبيعة، نجعله يرى البحر.. يلمس طبيعة السعودية وثقافتها، من خلال ذلك نستطيع أن نجعله يعرف بلده، فالمواقف تعلّم الأطفال، تعلّمهم ثقافة البلد، تجعلهم يعرفون كيف يحققون ذاتهم.

* هل من إضافة أخيرة؟.

- إضافتي الأخيرة دائما وأبدا أقولها أن أشكر والدي -الله يرحمه- الذي كان دائما طموحاً وسأظل دائماً أشكره وأدين له بالفضل.


contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store