Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

البائعة السعودية.. كيف الحال؟

A A
جئتُ كمُواطن أفرح بتوظيف المرأة السعودية كبائعة في المحلّات التجارية، لا سيّما في المُولات، بدلًا من البائعين الأجانب الذين أكلوا أخضر مهنة البيع ويابسها طيلة عقود سابقة، فما وجدْتُ مطرحًا أفرح به إلّا نزْرًا يسيرا!.

والبائعة السعودية تُعاني في مهنتها كثيرًا، تمامًا كما قال الشاعر: حلاوتها ممزوجة بمرارة.. وراحتها ممزوجة بعناء!.

ومن أوجه المعاناة التي تظهر لي، وربّما ما خفي كان أعظم، صرامة التعامل معها من قبل الشركات التي تعمل فيها لدرجة القسوة، فأيّ تأخير تتأخرّه هي عن الدوام ولو بسيطًا يُخصم عليها فورًا من الراتب بمقدار كبير لا يتناسب مع التأخير، وراتبها أصلًا متواضع، وبعد خصم قيمة تقاعد التأمينات الاجتماعية يُصبح أكثر تواضعًا، وهناك بائعات كثيرات لا يملكن سيّارات فيستهلكن جُلّ راتبهنّ المتواضع في مشاوير المواصلات، إمّا ليموزين أو أوبر بين بيوتهنّ وبين مقرّات وظيفتهنّ، فلا يبقى من الراتب إلّا الفُتات!.

والشركات تُحدّد للبائعة هدفًا لقيمة البيع اليومي Target، يعني ألف ريال أو ألفين أو أكثر، وتضغط عليها لتحقيقه بما ليس لها به طاقة، بل وتُؤنّبها وتُنذرها إن لم تُحقّقه، حتّى مع ركود الاقتصاد في زمن كورونا، وحتّى مع تنامي البيع بالإنترنت وإحجام كثيرٍ من النّاس عن التسوّق العادي، فماذا تفعل المسكينة؟ هل تُجبر الزبائن على الشراء منها؟

وهل تتجاوز صلاحيات وظيفتها لتشمل الجذب الإعلاني والتسويق للبضائع ممّا هي وظائف أخرى يُفترض أن تُوفّرها الشركات لغير البائعة وتجعلها هي تُركّز على البيع الذي هو فنّ بحدّ ذاته!.

وأسوأ معاناة هي مراقبة البائعة بشكل دائم، إمّا بالكاميرات التي تعمل بالإنترنت، أو بحضور متكرّر ومُبالَغ فيه لمراقبي الشركات الذين بعضهم أجانب لمحلّ البيع، وإعطاء البائعة انطباعًا سلبيًا عن أدائها، وكأنّها ليست محلّ ثقة، فإن لم يكن هذا «تطفيشًًا» فما هو التطفيش؟ سؤال أوجّهه لوزارة الموارد البشرية التي أدعوها كما أتاحت الفرصة لتوظيف المرأة السعودية كبائعة أن تحميها وتُوفّر لها البيئة المناسبة للعمل والتألّق، وهذا هو العشم في الوزارة!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store