Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م.سعيد الفرحة الغامدي

القوة تفرض الوجود..!

إن الاعتماد على الغير في أمور إستراتيجية لم يعد خيارًا مقبولًا وشباب الأمة لديه القدرة متى أُتيحت له الفرص للمشاركة الجادة وتوظيف كل مقومات النجاح المتوفرة لإيجاد قوة رادعة لحماية الأمن القومي العربي تتصدى للتحديات التي تواجه الأمة العربية في المقام الأول

A A
في الواقع الحقيقي القوة تفرض الوجود مثال حي عشناه لمدة أكثر من سبعين عامًا منذ تأسيس إسرائيل في قلب العالم العربي، ورغم كل القرارات الأممية والحروب والتنازلات هزمت إسرائيل العرب وتوسعت وأرغمت بعض الدول العربية على التطبيع بدون مقابل الذي يعني بداية خطيرة لنسيان القضية الفلسطينية. مصر خاضت حرب أكتوبر 1973م اقتحمت خط برليف لتصحيح نكسة حرب 1967م.. وبرغم أن الانتصار لم يكن كاملًا إلا أنها خلقت واقعًا اضطر العدو إلى تغيير المعادلة والموافقة على الانسحاب من سيناء وبقيت طابا رهن التحكيم الدولي الذي تحررت بموجبه في عام 1989م. هذا دليل ثابت بأن القوة من قبل الجانبين كانت الفيصل في الصراع على فلسطين. معضلة العرب أنه لم يكن يوجد دولة قوية توفر الغطاء ويهابها الأعداء ولذلك بقي العالم العربي ضحية ابتزازات ومناورات دولية وإقليمية استخدم الأعداء فيها نظرية فرق تسد من خلال افتعال عداوات بينية في داخل العالم العربي. مشاريع الوحدة كلها فشلت.. مصر وسوريا أكبر مثال والتجمعات الأخرى لم يصمد منها إلا مجلس التعاون الخليجي. الأطماع الإقليمية من إيران وتركيا، كل واحدة منهما تخطط للهيمنة على العالم العربي من خلال التدخلات المستمرة. مقومات القوة الرادعة قد لا تتوفر في دولة بمفردها ولذلك لا بد من وجود دول مقتدرة مثل مصر والمملكة العربية السعودية والجزائر ليكون لدى كل واحدة منها سلاح نوعي وقوة ضاربة يهابها الأعداء وتحول دون المساس بأي من الدول العربية ويكون هناك توافق وميثاق بين الدول الثلاث وإذا وُجد تفاوت في وجهات النظر فيتم حله من خلال آلية عربية متفق عليها ولا تسمح بالتدخل من الخارج. هناك افتراض أن هذا موجود في الجامعة العربية ولكنها مع الأسف شبه مشلولة وتجارب الماضي والحاضر أكبر دليل على ذلك. التغيرات المحتملة في العلاقات الدولية والتحالفات الثنائية مع دول كبرى همها الهيمنة والاستفادة القصوى من خلال تسويق أسلحتها ومنتجاتها العسكرية تشكل اعتمادية خطيرة أصبحت غير مضمونة. ومن المهم جدًا ألا تبقى سيادة الدول العربية رهن قوى خارجية تتحكم فيها حيث تشاء. والتعامل في العلاقات بين الدول وفق معادلة المصالح بدون وجود قوة عسكرية ذاتية يُعتمد عليها لحماية الأمن القومي العربي وتوفر القناعة بفعاليتها في وقت اللزوم يُبقي الخطر قائماً من دول الجوار الطامعة في الهيمنة.. إسرائيل وإيران وتركيا.. والتحالفات مع الدول الكبرى لتوفير هامش من الأمن الافتراضي المهدد بالانفراط في أي لحظة هو في كل الحالات مكلف جدًا. إن الاعتماد على الغير في أمور إستراتيجية لم يعد خيارًا مقبولًا وشباب الأمة لديه القدرة متى أُتيحت له الفرص للمشاركة الجادة وتوظيف كل مقومات النجاح المتوفرة لإيجاد قوة رادعة لحماية الأمن القومي العربي تتصدى للتحديات التي تواجه الأمة العربية في المقام الأول. وأخيرًا فإن إستراتيجية وجود قوة نوعية رادعة يهابها الأعداء لا بديل له وإلا أُكلنا كما يؤكل الثور الأبيض.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store