وتوالت العصور والأزمان على هاتين المدينتين المقدستين وقصدهما الكثير من الحجاج والزوار واختلطت فيهما الثقافات والطباع والعادات وكانتا رمزاً للحضارة الفكرية والاجتماعية وحتى البناء والإنشاءات المعمارية وأصبح لكل جيل فيهما حاضر مشرف لهم وماضٍ مجيد لخلفائهم الذين أتوا من بعدهم وهكذا دواليك.
وبطبيعة الحال اكتسبت هاتان المدينتان عادات جديدة من الاكل والشرب التي لا زالت الى اليوم من أكلات أنواع الأرز وطرق طبخه وأكثرها من الهند والسند وكذا أنواع الحلوى التركية والمصرية والمحاشي السورية والفلسطينية التي أصبحت تتقنها المرأة الحجازية ومن سكن الحجاز وأحبه وكذلك كثير من العادات وكذا الطراز العمراني المتقدم الذي فقدنا غالبيته بسبب الإهمال، وكذا عادات الزواج وصور حفلاته التي كانت الى عهد قريب وكانت الحفلات للرجال تتم في الساحات الكائنة وسط تلك الأزقة والاحواش لان البيوت كانت كل مجموعة منها تبنى في محيط معين ويسمى حوش، ولا أنسى حلو أكلات حفلات الزفاف من صنع ربات البيوت والطبق الرئيسي الذي كان يعده متخصصون من الرجال وكان الجميع يقدم المساعدات التي توهب لأهل العرس وتسمى (رفد).
وبسبب التقدم الحضاري واستمرار التخالط وكثرة السفر وسهولته في الوقت الحاضر وصلنا الى ما نحن فيه ولنصبح ماضياً لمن يخلفنا وهكذا دواليك.
رسالة: حب مكة المكرمة والمدينة المنورة واجب شرعي وحب المدينة أكبر لمحبة الرسول صلى الله عليه وسلم لها، فقد قال صلى الله عليه وسلم ( اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، وَصَحِّحْهَا لَنَا، وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا، وَانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بـالْجُحْفَةِ ) رواه مسلم وغيره. اللهم اجعل لنا فيها مقاماً حيين وحسن ختام على أرضها ومدفناً في بقيعها المبارك بدعاء الحبيب صلى الله عليه وسلم وبعثة منه بمعية الحبيب صلى الله عليه وسلم وجاورنا به صلوات ربي وسلامه عليه حيين ميتين مبعوثين ويوم الدين وفي عليين.
وما اتكالي إلا على الله ولا أطلب أجراً من أحد سواه.