Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

ربيع القلوب: محمد صلى الله عليه وسلم

A A
ارتبط شهر ربيع الأول في أذهان الأمة الاسلامية بمولد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولذلك يطلق عليه صلى الله عليه وسلم وصف ربيع القلوب. ولا شك أن مولده عليه السلام ليس كمولد أي إنسان عادي لأنه نبي مجتبى خصه الله بأن يكون سيد ولد آدم وخاتم النبيين والمرسلين وإن كان هو -أي رسول الله- في حقيقته إنساناً وبشراً، وبناءً عليه كل ما يخص سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يقع بين هذين الوصفين: وصف أنه مميز من عند ربه بالنبوة وعليه خاتم النبوة، ووصف أنه بشر يعيش وينام ويفرح ويحزن ويأكل ويشرب وتناله من الحياة أتعابها وآلامها كأي بشر حتى سكرات الموت عاشها قبل أن يلقى ربه.

بين هذين المفهومين يجب أن نقدم رسول الله للعالم فهو إن ذُكرت النبوة فهو النبي محمد وإن ذُكرت البشرية فهو محمد النبي، وهذه الفلسفة في فهم شخصية محمد بهذا الشكل فيها اتزان وقد تحدّث عنها صاحب كتاب عبقرية محمد في أحد فصول كتابه.

وهذا الطرح هو ما عرّف به القرآن الكريم محمداً صلى الله عليه وسلم، فكل نداءات القرآن الكريم تقول يا أيها النبي يا أيها الرسول للتأكيد على خصوصيته وما ميزه الله به منفرداً عن غيره حتى الرسل عندما يذكرون يقال عنهم «عليهم السلام» كما قال تعالى (وسلام على المرسلين) بينما محمد يقال محمد «صلى الله عليه وسلم» والدليل قوله تعالى (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلّموا تسليماً)، وعند توضيح شخصيته البشرية يقال إنه محمد (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل) (محمد رسول الله والذين معه). ويحدث الاختلال في العقيدة عندما نغلب جانباً على جانب فمن يبالغ في خصوصيته ويطري شخصيته لحد الخروج به عن نبوته وجعله نداً لله في جلب رزق أو طرد ضر أو منحه ما لله من صفات خاصة فذلك تورُّط يوقع في الشرك (ان الله لا يغفر أن يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)، لانه لا يملك جلب نفع أو دفع ضر إلا الله سبحانه وتعالى، وهو بشر موكول اليه تبليغ الرسالة فقط لا ادعاء مالله من خصائص، وفي نفس الوقت من يحمل رسالة ربه منحه الله من الأمور ما ليست للبشر العادي ويجب أن يحترم ويُتأدب معه في القول والفعل والاتباع وأن نخصه بالمحبة القلبية وأن تُقرأ سيرته ويُقدَّم على أي بشر آخر لأن الله يقول عنه (ولكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً). ومن هنا يجب أن نعتني بكل تفاصيل حياته وأن نعظم كل أحداثه وأن نؤمن بكل ما منحه الله إياه من معجزات في حياته وأن نعظم ما جاء به من ربه من آيات سواء القرآن الكريم او صحيح السنة الشريفة وله علينا أن نوقر آل بيته الطيبين الطاهرين، وله علينا مداومة ذكره بالصلاة والسلام عليه وأن نعلم أبناءنا وبناتنا حبه وتعظيم أمره لأنه نبي من عند الله وأن نفهم أن من يصلي على الحبيب قلبه يطيب وهو من الله قريب وأنه صاحب الشفاعة والحوض المورود وأنه أجمل أهل الأرض قاطبة ويوم مولده يوم أضاءت الدنيا بنوره.

ورحم الله شوقي الذي انساب شعره في حبه صلى الله عليه وسلم في قصيدة مطلعها:

وُلد الهدى فالكائنات ضياءوفم الزمان تبسُّم وثناء حقاً يجب أن يكون حب محمد فوق كل حب حتى حب النفس والوالدين والولد كما قال عليه السلام فيما يرويه أنس رضي الله عنه (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب اليه من ولده ووالده والنَّاس أجمعين) لأن حب محمد ليس كأي حب ويكفي ان ذكره في كل أذان وإقامة مقروناً باسم الإله يذكِّرك بعظم مكانته عند ربه وأن الصلاة عليه والسلام تذهب الهم والغم وتقضي الدين.

فلنقتدِ به حباً وسلوكاً ولنجعله يسكن قلوب أبنائنا وبناتنا منذ الصغر فمن السيىء جدا والتقليل في حقه أن لا يعرف أحد من الجيل أن هناك محمداً القدوة والأسوة وأن يتخذ غيره أسوة وقدوة في الحياة وهو من أمرَ اللهُ باتخاذه قدوة حسنة لاغيره.

فعلِّموا أولادكم حب نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم وأكثروا من الصلاة والسلام عليه تكونوا أقرب مكاناً منه يوم القيامة وتحل في بيوتكم البركة، فهو نبي الرحمة والبركة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store