Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. بكري معتوق عساس

نحن في خطر!!

A A
قد يبدو هذا العنوان غريبًا.. لكنه في اعتقادي من أصح العناوين التي تعبر عن إشكالية تدني مستوى المخرجات التعليمية لدينا. يتوجَّه النوابغُ والأذكياء إلى الكليات العلمية، وتبقى الكليات النظرية التي تخرّج المعلمين موئلاً لبعض أصحاب المعدلات المتدنية.

والنتيجة النهائية.. ضعفُ مخرجات التعليم العام الذي يقوم عليه أساتذةٌ لم يسقهم إليه إلا ضعف مستوياتهم.

هناك الكثير من التجارب والمواقف العالمية الناجحة التي أدت لارتفاع مستوى المخرجات التعليمية، سأذكر منها تجربتين وموقفًا: التجربة الأولى: حين شعرتْ أمريكا بالخطر في سنة 1981م، بسبب هزيمة طلابها في المسابقات الدولية أمام اليابانيين والكوريين شكلتْ لجاناً عليا لدراسة واقع التعليم في أمريكا، وفي العام 1983م، صدر التقرير الأمريكي الشهير: (أمة في خطر) الذي شخَّص واقع التعليم الأمريكي بشفافية، ومن بين عبارات التقرير المهمة: «لا ينجذب نحو مهنة التدريس العدد الكافي من الطلاب القادرين أكاديميًا، وأن عددًا كبيرًا ممن اجتذبتهم مهنة التدريس هم من الربع الأدنى أكاديميًا من خريجي المدارس الثانوية والجامعات».

وبناءً على ذلك ارتفعتْ معايير القبول في الكليات التربوية التي تخرِّجُ المعلمين، بحيث أصبح القبول في هذه الكليات عسيراً للغاية، ولا يقدر عليه إلا ذوو العقول والمواهب والكفايات، واستطاع ذلك أن يرجع للتعليم الأمريكي بعضاً من تألقه ووهجه.

التجربة الثانية: في الضفة الأخرى من العالم.. تأتي دولةٌ أخرى استطاعت خلال سنواتٍ قليلة أن تلحق بالعالم الأول، إنها (سنغافورة)، وقد صرح باني نهضتها: (لي كوان) بـ»أنَّ تعزيز النظام التعليمي كان هو البوابة الكبرى لهذه النهضة السنغافورية المذهلة».

من أبرز سماتِ التعليم السنغافوري هو الشروط القاسية للالتحاق بكليات التربية وإعداد المعلمين، والشروط الأقسى لإكمال الدراسات العليا التربوية، حيث يلزمك لذلك أن تمتلك عشرين سنةً من الخبرة، وأن تقدِّم نماذج مشرِّفة من طلابك، وأن تحصل على توصياتٍ علمية معتبرة، وأن تكون صاحب سيرة ذاتية مميزة.

أما الموقف فهو: جملة أطلقتها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في حضور مئات من القضاة والأطباء والمهندسين حينما طالبوها بزيادة رواتبهم شأنهم شأن المعلمين الذين حصلوا على الزيادة، فاكتفت بإطلاق جملتها المشهورة: «كيف أساويكم بمن علَّموكم»، للدلالة على أهمية ومكانة المعلم. فهل نجد في واقعنا التعليمي شيئاً من هذا؟.


contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store