Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عجب

حتى لا يُقتطع من الأرض شبر!

A A
روى أحدهم أن عمه من النوع البارد -طويل البال- الذي يصعب استفزازه، إلا إذا جاع أو انهزم فريقه المفضل، وفي إحدى الأيام رأه يشتاط غضبًا ويخرج من البيت حاملًا (المسحاة) ويتمتم متوعدًا: «والله ما يأخذ شبرًا.. ويا أنا يا هو الفاغر»، وهو ما دعاه لأن يصرخ فيه مناديًا: عم، يا عم، لكن الغضب كان قد أعماه ولم يجبه، فاستقل سيارته وانطلق وراءه، ليجده قد توقف بجوار الأرض الجبلية للعائلة ودخل بمشادة كلامية مع صاحب الأرض المجاورة، الذي تعدى بحوالى 8 أمتار، ليتوسل إلى عمه وإلى المعتدي بأن يهدآ قليلًا، ويتعوذا من الشيطان -حقنًا للدماء- لحين إيفاد المصلحين من أعيان ووجهاء الجماعة!

إن حب (الأرض) لدى المواطن الأصلي، يجعله -حين يلحقها تعدٍ- أشبه ما يكون بخبير التنمية البشرية، حيث يقف على خشبة مسرح (الأرض) مدربًا ومحفزًا كل رمله وحصاه وغرسه، بوصفة النجاح المثلى التي يراها؛ كُن قويًا، اصنع نجاحك، لا أحد يستطيع أن يأخذ مكانك، أنت الاستثمار الحقيقي، لكنه في الأخير مجرد كلام، حيث تُصادر الأرض منه ومن خصمه متى ثبت انها بدون صك ولو بلغ صراخهما عنان السماء!

لهذا يأمل مئات الآلاف من المواطنين تمديد مهلة تلقي طلبات النظر في تملُّكهم الأراضي بدون صكوك من قِبل منصة (أحكام) التابعة لعقارات الدولة، والتي لم يتبق على انتهائها إلا 50 يومًا تقريبًا، هذا التمديد الذي سيتيح للجميع فرصة التقدم، خاصة أن الكثيرين لم يتقدَّموا حتى الآن بسبب ظروف قاهرة خارجة عن الإرادة، مثل: جائحة كورونا، الجهل بالتقسيمات، كبر أو خرف من يعلمون حدود الأرض، إسقاط بعض الأسماء من صك حصر الورثة، وتعذر إيجاد حجز بالمكاتب الهندسية، خاصة بالباحة وعسير ومكة المكرمة، أو استغلالها لضيق الوقت وفرض أسعار خيالية!

إن غاية «أحكام» المعلنة هي: المساهمة بإثبات تملك العقار، وخلق بيئة عقارية موثوقة، وتعزيز مبادئ العدالة والشفافية، ودراسة الطلبات والرفع بتوصياتها للمقام السامي، ولضمان تنفيذ هذا كله بدقة وأمانة، يفترض تعديل (المادة الثالثة) من القواعد المتضمنة شروط قبول طلب التملك، بحيث يقدم الطلب خلال سنتين أو ثلاث (بدلًا من سنة) اعتبارًا من تاريخ 5 /5 /1442هـ مع النظر بتعديل مدة التظلم من شهر إلى شهرين، وتعديل شرط (أن لا يكون العقار محل الطلب: ضمن قمم الجبال، وأراضي المراعي، والشعاب والفياض)، لأن غالبية الأراضي المتوارثة بالمنطقة الجنوبية سواء بحجج أو وثائق ملكية من هذه النوعية!

لقد تعودنا على المكرمة الملكية من قيادتنا الحكيمة بمختلف المجالات مثل؛ رفع ايقاف اللاعبين أو تمديد مهلة تصحيح أوضاع الوافدين أو تأجيل قواعد تنظيم دخول غير المحصنين، وننتظر بكل لهفه سماع المكرمة الأهم؛ تعديل مهلة تلقي طلبات النظر في تملُّك الأراضي بدون صكوك للمواطنين.

كل الذين عاشوا بالقرى والأرياف والهجر، يعلمون يقينًا أن المصورات الجوية، لا يمكن أن تنفي وجود (إحياء) في العقار محل طلب التملك قبل أمر المنع الصادر بالعام 1387هجرية، وكل ما يحتاجونه منحهم المهلة الكافية، ليوفروا الطلبات، فتهدأ الأنفس وتعود الألفة بين صاحب الأرض وجاره، وقبل ذلك كله، تتحقق غاية «أحكام» وتبرئ ذمتها قبل ذمة عامة الناس؛ (حتى لا يُقتطع شبر من الأرض ظلمًا..).


contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store