Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. بكري معتوق عساس

التعليم من أجل التنمية

A A
الاقتصاد المعرفي هو انتاج وتسويق المعرفة، والجامعات هي مصانع لإنتاج المعرفة من الأبحاث الابتكارية التي يتم تحويلها لمنتجات تسوق تجارياً.. نعيش الآن عصر الأبحاث التي تخدم التنمية وهذا ما تعمل عليه الجامعات الأشهر في العالم.. فعلى سبيل المثال حوالي (80%) من صادرات أمريكا من أبحاث الجامعات الأمريكية.. شئنا أم أبينا لا يمكن أن تقوم الجامعات بدورها في خدمة التنمية إلا بإيجاد مصادر دخل بديلة عن ميزانية الدولة، كتوظيف البحث العلمي لخدمة المجتمع، ونشر ثقافة الهبات والأوقاف، والتعليم المدفوع.. فمن المحال أن تستمر الدولة في تخصيص ميزانيات سنوية للصرف على الجامعات.. فعلى سبيل المثال، في سنة (2020م)، كانت إيرادات جامعة هارفارد الأمريكية (وهي جامعة أهلية) تقدر بحوالي (5.5) مليار دولار، ولديها أوقاف تقدر قيمتها السوقية بحوالي (42) مليار دولار بعائد سنوي يصل إلى (7.3%)، ولديها مصادر إيرادات أخرى على النحو التالي: 37% منها من التبرعات التي تتلقاها الجامعة من الشركات ورجال الأعمال والأسر الكبيرة، وحوالي 22% من الإيرادات تأتي من الأوقاف، و18% من البحوث المنتجة، و20% من رسوم الطلاب الدارسين، و3% من دخل السكن الجامعي.. وقدر الدخل الكلي للجامعة بأنه يعادل دخل بعض دول في الشرق الأوسط.. لذلك على الجامعات العمل على زيادة الموارد الذاتية لها باستخدام العقول والأصول.

وبدأنا نرى بعض الجامعات السعودية تسير في هذا الاتجاه وهي جامعة الملك سعود بالرياض والتي قدرت قيمة أوقافها حسب آخر إحصائية بقرابة (4) مليارات ريال بعائد سنوي يقدر بحوالى (200) مليون ريال من دخل بعض أصولها.. وأتصور أن الأمر سيكون أفضل في ظل نظام الجامعات الجديد الذي يحد من الرقابة الشديدة التي كبلتها لسنوات.

مخرجات الجامعات لا بد أن تتماشى ومتطلبات سوق العمل، فنحن نعيش رؤية طموحة تعتمد على إيجاد مصادر دخل بديلة، جوهرها الانتقال من الاعتماد على ما تجود به الأرض من ثروات طبيعية إلى الاعتماد على ما يجود به العقل من أفكار إبداعية.. ولتحقيق هذه الرؤية يجب إحداث نقلة نوعية على مستوى المخرجات الجامعية؛ لإنتاج كفاءات بشرية مؤهلة بمهارات ومعارف تتماشى مع سوق (2030)، فعلى سبيل المثال، الطبيب الذي كانت تُخرّجه الجامعات في السابق قد لا يحتاجه سوق العمل في المستقبل، بل يحتاج طبيباً يتماشى والانفجار المعرفي في كل المجالات، وهكذا لبقية التخصصات العلمية والنظرية، فلم يعد (التعليم من أجل التعليم) صالحاً وفقاً للرؤية التي عنوانها (التعلم من أجل التنمية).

فعلى الجامعات الابتعاد عن التلقين والاعتماد على التأهيل والتمكين، بمعنى تمكين الشباب وتأهيلهم لخدمة بلدهم وسد احتياجات سوق عمل (2030)، والتي تختلف تماماً عن احتياجات سوق العمل في وقتنا الحاضر.


contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store