Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالواحد سعود الزهراني

(شوقردادي)

A A
الخمسون وما وراءها من العمر.. تستقطب أسئلة الفضوليين الأكثر استفزازًا، من مختلف شرائح المجتمع وطبقاته، وهي أشد مراحل (السن الحرجة) حرجًا وإحراجًا، ستعترضك أسئلة من نوع: تقاعدت؟ عسى ما عندك سكر؟ عسى وظائف الأولاد زينة؟ أرضك اللي في قلعة وادرين ليش ما تبنيها؟ وإلا تبيعها؟.. عندما يموت أحد معارفك أو يمرض سيسألك أقرب أقاربك: من أكبر أنت وإلا هو؟ وستجد الأصغر منك والأكبر منك يزيدونك عدة سنوات عندما يسألون كم عمرك؟ لا تصغر عمرك، ما يصغر عمره إلا الشيطان، ستلاحظ نظرات الاستغراب والسخرية والاستهجان إذا قمت بأي تصرف مصدره بقية صحة أو نزق شباب لم يظهر في حينه، سيكون لك اللبس الفاخر تصابيًا، والسيارة الفارهة بذخًا و(هياطًا) والأكل الطيب نهمًا وإسرافًا ومثارًا لقلق محبيك وحنق حاسديك، كل الناس تنالهم الرحمة والعطف والتعايش.. الأطفال، الفتيان، الشباب، الشيوخ، إلا الخمسيني فلا يرحمه الناس، ولا يرحم نفسه!
الخمسون يا سادتي هي التاريخ الأقصى لصلاحيتك كإنسان، الخمسون عمر دولة، وعمر بناية، وعمر سفينة، واحسبها معي: كم دولة انهارت وكم رئيس وكم حكومة مرت بالذاكرة؟ وعليه فكل مباهج الحياة يجب أن تنالها قبل هذا السن لأنها بعده حتى وإن توفرت فليست إلا عبء واجترار للألم الذي يثيره التسأول: أين كنت يا خشب عندما كنا نجارين؟ ابذل ما بوسعك قبل الخمسين، إن لم تحصل قبلها على شهادة، ولم تجمع ثروة، ولم تحقق شهرة، ولم تنل منصبًا رفيعًا، فبعدها لو جمعت لك كل هذه المزايا لا قيمة لها ولا طعم ولا لون، لا عندك، ولا عند الناس، ولا يخدعونك بقولهم: «شوقردادي»!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store