Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

خريطة «الميكروبيوم» المضاد للسرطان!!

A A
كلما تقدمت أدوات وتقنيات وأجهزة العلم التجريبي كلما تبين للباحثين والعلماء الجديد من الفتوحات العلمية، وشخصيًا أقف مشدوهًا كيف أن قوله تعالى (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) تتحقق كلما زادت معرفة الإنسان بالجديد من العلم ولا أدل على ذلك من الجهل المطبق لدى الإنسان في فهمه عن كنه الأفلاك والنجوم والكواكب والمجرات، هذا العالم الفسيح الذي قال عنه سبحانه (وإنا لموسعون) أي في اضطراد للمزيد من مد الفضاء في عالم المجرات، ومن ذلك الأمر الرحب في عالم الذرات والخلق الذي لا يرى بالعين المجردة في عالم الفيروسات والأحياء الدقيقة والخلايا التي كل يوم هناك آلاف البحوث التي يتم نشرها تسبر أغوارها وتبحر في أعماقها لمعرفة المزيد عن ماهية جيناتها وتفاصيلها الدقيقة التركيبية والوظيفية.

وفي هذا المقال توضيح مختصر لما تم معرفته واكتشافه حديثًا من علاقة بين ميكروبات (بكتريا) تعيش داخل الإنسان (في الأمعاء) وبين جهاز المناعة من جهة وبين السرطان من جهة أخرى، وتكون سببًا بإذن الله في الحفظ والوقاية من السرطان، شرحت سابقًا المقصود بالمصطلح العلمي ميكروبيوم في مقال بعنوان «الميكروبيوم والرياضة»، إن الميكروبيوم microbiome عبارة عن مجموعة من الأحياء الدقيقة من بكتريا وفطريات تعيش في الجهاز الهضمي في الإنسان بدءًا من فمه إلى نهاية جهازه الهضمي وتتركز أكثر في الأمعاء الغليظة أي في القولون ومعظمها بكتريا إما نافعة أو ضارة وفقًا لحياتها البيئية، ونحن الآن أمام دراسة بحثية جديدة لها علاقة بمخلوق ليس له أي اعتبار ظاهر يسكن في جوف الإنسان (الأمعاء) هو البكتريا يمكن أن يتحكم فيه الانسان بتغذيته وبيئته ويسخره له كي يدافع عنه في محاربة السرطان ويمكن أن يكون العكس إهماله وإهمال تغذيته وبيئته ويكون سببًا لا قدر الله في الاصابة بالسرطان، ولم يكتشف العلم ذلك إلا حديثًا حيث يقوم على فهمه واكتشافه باحثون متخصصون في البيولوجيا الغذائية وفي البيولوجيا المناعية والأحياء الدقيقة وبيولوحيا الأورام.

إن فضل علماء الأحياء (البيولوجيا) في التخصصات المتنوعة على الطب والأطباء والبشرية كبير جدًا فهم الذين يغوصون في الأعماق ليدلوا على مكامن الأسرار في التعامل بين جزيئات الكائنات الدقيقة والخلايا وأسرارها حتى أصبح هناك من يقرأ الإشارات signalling المرسلة بين أسطح وأعماق الخلايا للتوصل إلى أسباب الأمراض، المهم أن ما توصل إليه العلماء حديثًا أن خلايا الجهاز المناعي تنشط كثيرًا في محاربة الخلايا السرطانية إن كانت بيئة وتغذية المجموعة البكتيرية التي تعيش في داخله مالحة أي ان الملح يزيد من توفر خلايا مناعية مقاومة للخلايا السرطانية من خلال أنه يوفر بيئة جيدة لتكاثر البكتريا النافعة للجسم والتي بدورها تكون مانحة الدعم للخلايا المناعية التي تعتبر العدو الأول للسرطان، وبقدر قوتها الدفاعية لتواجدها تمنع بإذن الله ظهور السرطان وانتشاره ومع ان هذه نتائج أبحاث أولية إلا أنه يجب الإشارة إلى أن كثرة استخدام الملح يضر بمن ضغطهم مرتفع.

إن هناك اهتمامًا كبيرًا بدراسة البيئة التغذوية للميكروبيوم الخاص بالإنسان الذي أصبح واضحًا علاقته بصحة الإنسان إما نفعًا أو ضررًا وشخصيًا أرى أن هذا المجال جديد للباحثين البيولوجيين وأن هناك الجديد الذي يمكن أن يكتشف خلال السنوات القادمة بإذن الله لوضع خريطة للميكروبيوم المضاد للسرطان من خلال الأبحاث الجديدة فتحية لعلماء الأحياء من الأعماق.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store