Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

نصيحتي إلى جنّ الطفولة..!!

A A
في طفولتي بمدينة الطائف المأنوس، كنت أعرف مكاناً يقع بين مكّة المكرّمة والطائف، وتحديداً عند سفْح جبل الكُرّ على الطريق باتجاه الطائف، وهو آية عجيبة من آيات الله في الأرض، لأنّ السيّارات مهما كبٌر حجمُها أو صغُر وفيما لو ضُبِطَت على ناقل الحركة «N»، ودون الدهس على البنزين، تتدحرج إلى الخلف وكأنّها مضبوطة على الناقل «R»، وبعكس اتّجاه الجاذبية أي من الأسفل إلى الأعلى، وليس هذا فقط بل تزيد سرعة السيّارات رُويداً رُويداً مع الدحرجة للأعلى، فسبحان الله الخلّاق العليم!.

وبالطبع هناك تفسيرات علمية حالية لهذه الظاهرة، وهي بالمناسبة موجودة في أماكن كثيرة حول العالم، ومن التفسيرات المقبولة لدى جمهور العلماء هو وجود موجات كهرومغناطيسية في باطن الأرض، وتقوى باتجاه الأجزاء الأعلى من الأرض، فتسحب السيّارات معها مُخالفةً لقوانين الطبيعة والفيزياء!.

لكن في طفولتي السحيقة، ومع أصدقاء الطفولة الذين أصبحوا كهولاً، كان لنا تفسير آخر، وهو أنّ المكان فيه جنّ، ممّن يسكنون الطائف، ولا يريدون لأهل مكّة المكرّمة أن يطلعوا للطائف، لماذا؟ لا أعلم، لكنّا كُنّا نُفكّر هكذا، أطفال لا مؤاخذة يا سادتي، فوظّف الجنّ بعضهم كي يداوموا في هذا المكان، ومن يُوقف سيّارته من بني آدم المُزعجين لهم يسحبونها باتّجاه مكّة المكرّمة ولو من الأسفل إلى الأعلى بعكس الجاذبية، فالمهم هو ألّا يطلع الآدميون للطائف، وكم كان الجنّ مساكين لأنّهم لم يستطيعوا منع سيّارة واحدة من الطلوع للطائف، وظلّ الآدميّون يقفون في المكان لبعض الوقت ويضحكون ويتعجّبون ويندهشون من دحرجة سيّاراتهم العكسية ثمّ يمضون في سبيلهم وكأنّ شيئاً لم يكن!.

وقبل يومين ذهبْتُ للطائف، لأسترجع ذكريات الطفولة، وتوقّفْتُ بسيّارتي في ذات المكان، أو «زات» المكان كما يقول السودانيون، ووجدْتُ الظاهرة موجودة كما هي، فسلّمتُ سرّاً في نفسي على جنّ الطفولة، وليس جهراً كي لا يظهروا لي، فأجيب العيد قبل أوانه بشهور، ثمّ نصحتهم، سرّاً أيضاً، أن يذهبوا لمساكنهم، فلا فائدة من استمرار وظيفتهم الميؤس من نجاحها لأبد الآبدين!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store