Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

الولد الصغير والرجل السمين!!

A A
مقطع فيديو أنتجته قناة علمية أمريكية، شرح كيفية عمل القنبلة النووية الأولى التي دمّرت بها أمريكا مدينة هيروشيما اليابانية في ٦ أغسطس ١٩٤٥م، وكذلك القنبلة النووية الثانية التي دمّرت مدينة ناجازاكي اليابانية بعدها بثلاثة أيام.

القنبلة الأولى اسمها «الولد الصغير» ويا لها من ولد صغير لا يعكس اسمه البريء، إذ أحال هيروشيما ومن وما فيها لِكُتَل من لحم وتراب وغُبار وإشعاع وأمراض، وكانت مادّتها الفعّالة هي ٦٤ كيلوجرامًا من اليورانيوم المُخصّب الذي أنتج قُوّة تفجير مقدارها ١٥ كيلوطنًا، فهل هذا ولد صغير؟!.

أمّا القنبلة الثانية فاسمها «الرجل السمين»، وتختلف بمادّتها الفعّالة التي هي ٦.٤ كيلوجرام بلوتونيوم، بحجم كرة قدم داخل طبقات حديدية، وأنتجت قُوّة تفجير مقدارها ٢١ كيلوطنًا، فأذابت الحجر والشجر والبشر!.

واليوم وبعد مرور أكثر من ٧٠ سنة، صُنِعَت سلالات جديدة من القنابل النووية، ولم يعد اسما الولد الصغير والرجل السمين صالحيْن لها، فهما بدائيتان مقارنة بها وكأنّهما مسدّس ماء أطفال في حضرة مدافع بارود، وهي موجودة عند الدول الكُبرى: أمريكا والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا، وهناك دول أخرى صنّعتها مثل الهند وكوريا الشمالية وإسرائيل وباكستان، وتأتي إيران التي هي بيت القصيد ضمن الدول التي تعمل لتصنيعها، وقطعت شوطًا طويلًا في طريقها، والنظام السياسي الإيراني هو نظام إرهابي وتوسّعي، له أيديولوجية عقائدية متطرّفة ومُختلقة، هو ومليشياته التي بثّها في أربع دول عربية هي العراق وسوريا ولبنان واليمن، ومن الخطورة تركه ينجح في تصنيعها ولو مثل الولد الصغير والرجل السمين، خصوصًا على منطقتنا الخليجية والعربية، فمع أيديولوجيته يسهل عليه التهديد باستخدامها إذا ما امتلكها لفرض سيطرته ونفوذه، ومن يدري لعلّه يستخدمها إذا صارت بين يدي صواريخه الكثيرة وطائراته المُسيّرة!.

والدول الكبرى خصوصًا الدول الغربية ومعها إسرائيل ليست جدّية تمامًا في منع إيران من تصنيع القنبلة النووية الأولى، وإلّا لمنعتها منذ لحظة اكتشاف برنامجها النووي بضربها عسكريًا قبل سنوات طويلة كما فعلت إسرائيل مع المفاعل النووي العراقي في حقبة الرئيس المغدور به صدّام حسين بموافقة مباشرة منها، وأرى هذه الدول تُبْقِي الوضع الحالي كما هو، أي ترْك إيران في موقف معلّق.. لا هي صنعت القنبلة ولا هي أوقفت سعيها الخطير لتصنيعها، في لعبة معقّدة من المصالح أو التحالفات الخفيّة أو كمسمار جحا تتذرّع به للوجود الدائم في المنطقة، لكن في المحصّلة يبقى الوضع في غاية الخطورة على كلّ الدول الخليجية والعربية.

وحتمًا، لقد حان الوقت لتحالف خليجي وعربي وإسلامي فعّال وقوي وصادق لتخليص المنطقة من أيّ سلاح نووي، مصنوع من إسرائيل أو تحت التصنيع من إيران، للوقاية من ويلات الصراع الدامي على التاريخ والجغرافيا والنفوذ والثروات، والوقاية خير ألف مرّة من العلاج.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store