من المواقف الطريفة التي مررت بها في بداية تشرفي بإدارة جامعة أم القرى، أذكر أن أحد موظفي البنود في مكتبي كان بين وقت وآخر يطلب مني أن أدينه بعض المال -يشهد الله أنه كان يقوم بتسديد المبلغ عند سكرتير مكتبي الأخ هشام أفغاني-، كنت دائمًا أتعاطف معه لأنه يعول والده المريض ووالدته بالإضافة لزوجته وأبنائه، في إحدى المرات طلب مني مبلغاً من المال وقال: دكتور بكري إذا لم تعطني المبلغ سوف أمتهن التسول عند أبواب المساجد، قلت له: الظاهر أني من سيتسول من كثرة طلباتك، تبادلنا الضحكات، وإذا به يقول، دكتور بكري أدعي لي، قلت له اسأل الله سبحانه وتعالى أن يسخر لك من يعطيك مبلغ وقدره 300 ألف ريال.
بعد انتهاء دوام ذلك اليوم، وهو في طريقه بمركبته إلى منزله وإذا بمركبة أخرى تصطدم به، بعدها حصل شجار أدى إلى أن قام سائق المركبة الأخرى وزميله بضربه بآلة حادة، أدت إلى حدوث كسر في يده وأحد رجليه.. نقل إلى المستشفى وبعد الكشف قرر الطبيب أنه يحتاج إلى إجراء عملية لجراحة العظام والمكوث في المستشفى لمدة شهرين.. جاء والد المعتدي ومعه مجموعة من أصدقائه إلى المستشفى للاطمئنان عليه والطلب منه التنازل عن القضية لأن عدم تنازله ربما يؤدي لسجن المعتدين وفصلهم من أعمالهم.. وافق أخيرًا على التنازل عنهم بعد أن قام والد المعتدي بدفع مبلغ 300 ألف ريال، المبلغ الذي كنت سألت الله سبحانه وتعالى أن يسخر له من يعطيه 300 ألف ريال.
زرته في المستشفى وإذا به يقول: لقد استجاب الله لدعائك معالي الدكتور بكري، تبادلنا عندها الضحكات.. لا أدعي أن دعائي كان السبب في ذلك! قدّر الله وما شاء فعل. وبعد انتهاء فترة النقاهة، عاد إلى عمله بكل همة ونشاط وبعصا يتوكأ عليها، أذكر أني قلت له مازحًا: هل تريد من يعطيكم 300 ألف ريال أخرى، قال ضاحكًا: لا لأني بعدها سوف لا أستطيع أن أتحرك.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
