يعتبر «الدم» إشارة حمراء يدل على الخطر عند ملاحظة تواجده أو خروجه في أي ناحية من نواحي الجسم أو البول أو البراز، ولون الدم أحمر لاحتوائه على كرات الحمراء (الخلايا الحمراء) التي هي مكونه الأساسي، فإذا أصيبت هذه الكرات الحمراء يتعطل الجسم وتموت الخلايا لأن الله سبحانه وتعالى ميزها بميزة لا تكون إلا فيها من دون بقية الخلايا وهي أنها الممول لجميع خلايا الجسم بالأوكسجين الذي يحمله الهيموجلوبين الموجود في خلايا الدم الحمراء وقطرة من الدم بحجم رأس الدبوس تحتوي على خمسة ملايين خلية دم حمراء والمصدر الأساسي لإنتاجها هو نخاع العظم حيث عند بداية تكوينها تحتوي على نواة يتم من خلالها تصنيع بروتين الهيموجلوبين والانقسام حتى تصل إلى مرحلة النضج ثم تطلق لتدور مع الدم لتختفي النواة بعد ذلك وتصبح خلية الدم الحمراء بدون نواة لحكمة إلهية ذلك أن النواة تأخذ حيزًا في الخلية على حساب كمية الهيموجلوبين اللازم لنقل الأوكسجين للخلايا ومن أجل أن تكون كرات الدم الحمراء أكثر كفاءة في الوظيفة لزم الأمر حاجتين، صغر حجمها ليتوافق مع وظيفتها في الحركة المرنة داخل الأوعية الدموية والشعيرات الدقيقة، والثانية حاجة النواة إلى الغذاء والهواء كسائر الخلايا وبالتالي تستهلك كمية من الأوكسجين ففقدها للنواة يجعلها أكثر كفاءة في نقل كمية أكبر من الأوكسجين
ويحتوي الدم بالإضافة على خلايا الدم الحمراء على مكونات أخرى مثل خلايا الدم البيضاء والصفائح الدموية لكن نركز في مقالنا هنا على (خلايا الدم الحمراء) التي هي عنوان الهوية للدم وعادة ما يعبر عن الدم بالشبه في القرابة فيقال هذا شبيه بفلان: «دمه زي دمه» ومنها قولهم «خالك دمك» أو «عمك دمك» لأن الخال والعم من قرابة الدرجة الثانية مباشرة، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «عم الرجل صنو أبيه» أي مثل أبيه، فالعم يقوم مقام الوالد وكذلك الخالة فإنها تقوم مقام الأم، وقد ورد عنه عليه السلام قوله: «الخالة بمنزلة الأم» ومن هنا يذهب العلماء إلى قول وجوب بر الخالة مثل الأم وهو أعظم من بر العمة لأن بر الأم أعظم من بر الأب نفسه لقوله عليه السلام «أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك». ومن الناحية الوراثية فإن الصفات الوراثية أساسًا تنحدر وتظهر إما سائدة أو متنحية على الجنين من طرفي العم والخال عبر الأب والأم فهذا يشبه عمه وذاك يشبه خاله ويتأكد ظهور الصفات الوراثية عند زواج الأقارب بين أبناء وبنات العمومة وأبناء وبنات الخالة لذلك من الأفضل وحفاظًا على عدم ظهور الإصابة بالأمراض الوراثية خاصة أمراض الدم الوراثية مثل الأنيميا عدم الزواج بين الأقارب والفحص قبل الزواج أصبح من أساسيات اتمام الزواج تجنبًا لظهور الأمراض الوراثية.
إن الخال والعم من أوثق صلة القرابة بعد الوالدين وأقوى أنواع الرحم وممن تجب صلة قرابتهما بعد الوالدين فمن لم يصلهما فهو قاطع رحمه وبعيد عن الله ومن ضمن المعنيين في قوله تعالى (فهل عسيتم إِن توليتم أَن تُفسدوا فِى الأرض وتقطعوا أرحامكم)، والحمد لله أن التواصل اليوم تعددت وسائله وتنوعت أشكاله وسهلت تطبيقاته وأقوى أنواع صلة الرحم بلا شك ما كان تواصلاً جسديًا وزيارة شخصية وتفقدًا لحال الأقارب سواء من الدرجة الأولى أو الثانية أو الثالثة فإن لم يتمكن الانسان من الزيارات وتكراراها في حق الأقارب فليس أقل من السؤال عنهم والتواصل معهم بالهاتف والوتس أب وألا تكون فترة التباعد ممتدة، فذلك إجحاف في حق الرحم التي هي معلقة بعرش الرحمن منذ أن خلق الله آدم عليه السلام فحقها عند الله كبير وحق الخال والعم بعد حق الوالدين كبير كذلك لأن خالك وعمك هما دمك وأرقى أنواع الوصال أن تصل من قطعك وليس فقط من برك ووصلك لأن هذا وصال المكافيء كما سماه الرسول صلى الله عليه وسلم.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
