Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

هدايا الورود تذهب ولا تعود!

A A
لقيت يومًا أحد القراء وهو الأخ حمد الحسن وطلب مني كتابة موضوع ووجدته ملحًا عليه، وذكر أنه ليس رأيه وحده بل هناك من يؤيده فيه وهو قوله «ذبحتنا يادكتور هدايا المناسبات التي لا نستفيد منها أبدًا إما باقة ورد تنشف بعد خمسة أيام أو دروع يزدحم بها المكان أو شكولاته متخمة بالسكر الضار الذي إن تناوله بعض المرضى زادهم مرضًا» فقلت له ماذا تريد منهم أن يقدموا؟

قال: هناك اقتراح بالتصدق عن المريض وإعلامه ببطاقة تشعره بأنه قدمت له هدية بالتصدق عنه، واقتراحًا آخر أن تتحول أكشاك بيع الورود والزهور إلى (محلات) تتبع لأعمال البر والخير للأيتام والأرامل والمستحقين للصدقة، فقلت له: وإن لم يكن صاحب الزيارة مريضًا كأن يكون رزق بمولود أو تخرج من جامعة أو تزوج أو أي مناسبة اجتماعية أخرى ماذا علنا نقدم له؟ قال: أي هدايا تنفع للمناسبة فالمولود إما ملابس له أو ذهب لأمه، والناجح يهدى له ما يناسب نجاحه من أجهزة تقنية أو يمكن إعطاء صاحب المناسبة مبلغاً من المال يتصرف به كيف يشاء لأن هدايا الورود تذهب في الهواء ولا تعود.

إن الهدية رسول حب ومرسال مودة وتقرب القلوب من بعضها، وقد وصى عليه الصلاة والسلام بها في قوله «تهادوا تحابوا» وهي في رأيي الشخصي تكون شيئًا آخر غير المبالغ المالية، وأنا مع القول يجب معرفة ما يحتاجه فعلا المهدى له من أغراض حياتية، المهم أن تكون هناك هدية محسوسة كهدية تدخل الفرح والسرور على قلوب من تهدى له، والهدية وإن كانت شيئًا بسيطًا لها أثرها الإيجابي على النفس، وكما ذكر عليه السلام تكون سببًا للمحبة ومزيدًا من حسن العلاقة وأعتقد أن أحق الناس بالتهادي الأقارب والجيران وزملاء العمل وكل من تجمعك به في الحياة لقاءات صداقة وهناك مناسبات توجب الهدية فيها مثل مناسبة الزواج، وكان الناس أيام الزمن الماضي القريب الذي حضرناه ونحن صغارًا كان أهل الزواج يستقبلون ما يسمى بالرفد من هدايا المؤن كالأرز والخرفان أو نقود وغيرها مما يحتاجه صاحب الزواج كي تساعده في أمور زواجه وتحقق له زادًا لحياته الزوجية في المستقبل ولا يزال قيام هذه العادة إلى اليوم بتجميع مبالغ مالية من الأقارب أو الأصدقاء تعطى له ليلة العرس وفعلاً فإن تقديم هدية باقة ورد للعرسان ليلة عرسهما لا تنفعهما بقدر ما تنفعهما المبالغ المالية وأضم صوتي للأخ القارئ حمد الحسن بأن باقات الورود تضييع للفلوس ولا يستفيد منها صاحب المناسبة كثيرًا غير أيام معدودة من الروائح الزكية التي تفوح من الأزهار والورود والمناظر البهية التي تبهج النفوس وقد لا يتفق آخرون معي ومع الأخ حمد الحسن فلهم ذلك ولنا نحن كذلك غير ذلك.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store