Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

المرأة... والعسكرية

A A
أخرج البخاري ومسلم ومالك والترمذي وأبوداوود والنسائي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول اللَّه إذا ذهبَ إلى قباء، يدخل على أمِّ حرام بنت ملحان فتطعمه، وكانت أمُّ حرام بنت ملحان تحت عبادة بن الصامت، فدخل عليها رسول اللَّه، فأطعمته وجلست تفلي رأسه، فَنام رسول اللَّه، ثم استيقظ وهو يضحك، قالت: فقلت: ما يضحكك يا رسول اللَّه؟ قال: ناسٌ من أمتي عُرِضوا عليَّ، غُزاةً في سبيل اللَّه يركبون ثَبجَ هذا البحر، ملوكٌ على الأسرة، أو مثل الملوك على الأسرَّة، فقلتُ: يا رسول اللَّه، ادعُ اللَّه أن يجعلني منهم، فدعا لها رسول اللَّه، ثمَّ نامَ، ثمَّ استيقَظَ فضحِكَ، فقلتُ لَهُ: ما يضحِكك يا رسولَ اللَّه؟ قال: ناسٌ من أمَّتي عُرِضوا عليَّ غُزاةً في سبيل اللَّه ملوكٌ على الأسرَّةِ، أو مثلُ الملوك على الأسرَّة -كما قال في الأوَّل- فقلتُ: يا رسولَ اللَّه، ادعُ اللَّهَ أن يجعلني منهم، قال: أنتِ منَ الأوَّلين فرَكِبتِ البحرَ في زمانِ معاويةَ، فصُرِعَت عن دابَّتِها حينَ خرجت منَ البحرِ، فَهَلَكَت.

وعلق المفكر السعودي والأديب الأريب معالي الدكتور غازي القصيبي -رحمه الله- على هذا الحديث في كتابه ثورة في السنة النبوية قائلاً: «يبين بوضوح ما بعده وضوح، كيف نظر إمام الهدى، عليه الصلاة والسلام إلى دور المرأة في المجتمع (والعسكرية) فرأى أنه يشمل الغزو في البحر مع الرجال، وأنا به عليه السلام من المقتدين، ولو رغمت أنوف!».

هناك بعض الأمور تخص المرأة لم ينه الله سبحانه وتعالى أن تزاولها ولكن البعض في المجتمع يستهجنها لعدم تعوده على رؤيتها وإن عدم تقبلها يشبه إلى حد بعيد عدم تقبل بعض التقاليد والممارسات في الشعوب والمجتمعات الأخرى والأمثلة في ذلك كثيرة ولكن عند ممارستها تصبح شيئًا عاديًا، وكذلك الأمر بالنسبة لبعض أمور المرأة الحياتية تستهجن في البداية كون المجتمع لم يعهدها من قبل والأمثلة في ذلك كثيرة فمثلا سابقًا كان المجتمع يرفض ويستهجن ذهاب البنات إلى المدارس وكذا تعليم المرأة وتوظيفها واليوم أصبح تعليم المرأة وتوظيفها من ضروريات الحياة ومما تتسابق إليه الأسر وكذلك موضوع قيادة المرأة للسيارة كان يومًا من الأيام مستهجنًا بل محاربًا، ولقد كتبت مقالاً عام ١٤٢٥ أي قبل حوالى ثماني عشرة سنة أدعو فيه إلى ضرورة قيادة المرأة للسيارة وإن ذلك مما أباحه الله وحق طبيعي ومفيد للأسرة والمجتمع فغضب البعض مني ونعتني بنعوت لا تليق وأنني داعية إفساد واليوم الكل استفاد الرجل والمرأة من تطبيق السماح للمرأة بقيادة السيارة وتقلص على ضوء ذلك عدد السائقين الأجانب، وفي هذا المقال توضيح لحكم شرعي فيما يخص المرأة وهو من الحق الذي سمح الله للمرأة بمزاولته بل وشاركت فيه أيام الصحابة كما جاء ذكر ذلك في الحديث أعلاه وهو مشاركة المرأة في المجالات ذات الطابع العسكري في عدة جهات في الدولة وهي محتشمة وبزي شرعي مثلها في ذلك مثل الرجل تساعد في حفظ الأمن وتحافظ على مكتسبات الدولة وتدافع عن وطنها وتعزز من القدرات الوطنية في المجالات الوظيفية متعددة الأغراض في كل ما له علاقة بالعسكرية وتغطي احتياج الجانب النسائي في حال تكون القضايا ذات علاقة بالنساء وبذا نحقق لها ولأسرتها وظائف وللمجتمع والوطن مكاسب كثيرة، كما أن هناك مهنًا حتى في الأزمات الحربية يحتاجها الوطن مثل الممرضات والطبيبات وقد ضربت نساء المسلمين أروع الأمثلة في مثل هذه المشاركات أيام الصحابة والفتوحات الاسلامية.

إن من عدل الله سبحانه وتعالى أن جعل التمكين لأمور الحياة للذكر والأنثى على حد سواء شريطة أنهما من أهل الإيمان والعمل الصالح كما قال تعالى (من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة) ومن الحياة الطيبة أن تعيش في رغد من العيش ولا تحتاج أن تمد يدها لأحد وتملأ وقت فراغها بما يعود عليها بالنفع والرزق الحلال.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store