جرى نقاش بيني وبين صاحب حميم عن مقطع الفيديو الذي أعجبني كثيراً لدرجة أنّني مرّرته لكلّ أحبّتي عبر أثير هاتفي الجوّال، وقد صوّر فيه أحد الأشخاص سيّارته وكتالوجها المصنعي، وقال فيه أنّه يحتوي على تفاصيل السيّارة، وطرق صيانتها والاحتفاظ بها سليمة، والتحذيرات والتعليمات بخصوص أعطالها، ثمّ قال إنّ الإنسان لديه كتالوج هو القرآن الكريم الذي هو كلام الله عزّ وجلّ، وبيَّن فيه العليُّ القدير وبالتفاصيل من أين جاء الإنسان وأين سيروح، وما الذي يأتيه من مصائب وكيفية التعامل معها في الدنيا بما في ذلك فيروس كورونا، وما الذي سيحدث للإنسان في الآخرة، فإمّا جنّة وإمّا نار.
ووجهة نظر صاحبي هي أنّه قد لا يجوز شرعاً تشبيه القرآن الكريم المُنزّل من الخالق سبحانه وتعالى بكتالوج السيّارة المصنعي، أو أيّ مُنتج من صُنْع المخلوقين، ولا يوجد أصلاً ما يستدعي على الإطلاق ضرْب التشبيه أو التمثيل.
أمّا أنا فأسأل الله ألّا أكون قد أذنبْتُ بإعجابي بهذا التشبيه، وقد رأيْتُ فيه دعوة مُبتكرة وتحفيزاً غير تقليدي من هذا الشخص للجميع بتلاوة وتدبّر القرآن الكريم، وهما الغاية النبيلة التي إذا تحقّقت حصلت السعادة ونزلت السكينة على من يتلو ويتدبّر، وهناك من النّاس من يتمعّن في كاتالوج سيّارته لأجل صلاحها وهي التي ستكون بعد سنوات قليلة خُرْدة تُباع وتُشترى في حراج التشليح، ولا يتمعّن في كتاب ربّه لصلاحه هو في الدنيا الطويلة والآخرة التي ليس لها نهاية، وكلمة كاتالوج أو «catalog» كلمة إنجليزية لها ترجمات كثيرة بالعربية منها دليل، وبيان، والقرآن الكريم هو دليل الإنسان لخيري الدنيا والآخرة، وهو بيان الهدى والفرقان بين الحقّ والباطل، والأهمّ والمغزى من التشبيه هو الفِكْر النفسي العظيم الذي يلمسه المُتلقِّي حين يسمع ويرى مقطع الفيديو ويُدعى إلى تلاوة وتدبّر واتّباع القرآن الكربم، بأنّ بين يديه الدليل الأفضل والبيان الأجمل والكنز الأعظم لتفاصيل حياته، وسبل السعادة الأبدية والسرمدية.
اللهم اغفر لي ولصاحبي، فنحن عبدان مجتهدان، إن أصبنا فمنك، وإن أخطأنا فمن الشيطان.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
