Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

آه لو نطق النحل!!

A A
لا أعتقد أنّ هناك ما ينبغي على النّاس الإيمان الكامل بفوائده الإعجازية الغذائية والعلاجية مثل العسل، وقرآننا الكريم يقول هذه الحقيقة بآية صريحة وعبارة مباشرة، إذ قال عن العسل: «فِيهِ شِفَاءٌ للنّاس»، بل وفيه سورة كاملة اسمها «النحل»، تلك المخلوقة الضئيلة، ذات اللونين الأصفر والأسود، والتي يخرج من بطونها الشرابُ العظيم المختلفُ ألوانهُ الذي هو العسل.

كذلك، لا أعتقد أنّ هناك ما يتعرّض للغشّ التجاري حول العالم مثل العسل، وقد نجد عسلاً رخيصاً لكنّه أصلي بامتياز، وقد نجد عسلاً غالي السعر وهو مغشوش بامتياز، والعكس صحيح مئة بالمئة.

والجديد في الموضوع هو أنّ معظم الطرق الشعبية التي يعرفها النّاس العاديون للكشف عن جودة العسل لا تفي بالغرض، فالتُجّار الغشّاشون يُجيدون غشّه بما قد لا يعرفه الجنّي الأزرق تحت البحر، وقد أعجبني خبير التغذية الدكتور إبراهيم العريفي حين قال إنّ الوسيلة الوحيدة المضمونة لمعرفة العسل الأصلي من المغشوش هو فحصه في المختبرات الرسمية المعتمدة، أي إجراء التحاليل المجهرية للعسل كما لو كان عيّنة دم تُجري لها تحاليل شاملة.

بهذا القدر، وإلى هذا القدر، أفسد بعض النّاس الغشّاشين نعمة الغذاء والعلاج التي وهبها الله للعالمين، وربّما كان فسادهم أكبر من فساد الغشّ في الأشياء الأخرى لأنّه مسّ قُوّة الإيمان فيما فطره الله وأمرنا بها، فكثيرٌ من النّاس تركوا التداوي بالعسل لأنّه لم ينفعهم بسبب كونه مغشوشاً وهم لا يعلمون أنّه مغشوش، ومن أكبر إثماً ممّن تسبّب في إضعاف هذه القوّة الإيمانية والصلة التوكلية بين المرضى وبين بارئهم الذي خلق لهم العسل ليكون لهم غذاءً وعلاجاً.

وكم أتمنّى أن ينطق النحل، فهو الوحيد القادر على إخبارنا الحقيقة حول وسائل غشّ العسل، على ماذا يغذُّونه؟ هل طبيعي أو كيميائي؟ بماذا يخلطون العسل؟ بماذا يلوّنوه؟ بماذا ينكّهوه؟ أنا أثق في النحل الذي لا يعرف الكذب بفطرته، ولكنّها أمنية مستحيلة التحقيق، ولهذا لا أفق يبدو لإنهاء فساد العسل.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store