«المعروف رق ورده عتق» ويقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ).
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبَهُم
فطالما استعبدَ الإنسانَ إحسانُ
ويقول المتنبي:
وَقَيّدْتُ نَفْسِي في ذَرَاكَ مَحَبّةً
وَمَنْ وَجَدَ الإحْسانَ قَيْداً تَقَيّدَا
بعد هذا كله أقول: «إنني أتحاشى قبول الكثير من المعروف والهدايا والولائم، ليس كرهاً لها، وإنما لأنني لا أستطيع ردها، فكيف أقبلها إذا كنت لا أستطيع الرد، لقد اكتويت كثيراً من هذه «الجمايل المفتوحة»، خذوا على سبيل المثال هذه القصة:
«لقد دعاني أحد الأخوة قبل سنوات على وليمة، وكانت تكاليف هذه الوليمة لا تتجاوز «2000» ألفي ريال، وبعد أسبوعين من انتهاء المناسبة طلب مني «10.000» عشرة آلاف ريال كسلفة، حينها اعتذرت فحز ذلك في نفسه، ولم يتوقف عند هذا، بل أخبر أصدقاءنا المشتركين قائلاً: «أحمد هذا لا ينفع فيه معروف، تصوروا أنني طلبت منه خدمة واعتذر، فيا خسارة الوليمة التي أقمناها له، ولو وضعت هذه الوليمة لبقرة لأعطتني حليب، ولكن هذا النوع من الناس لا يثمر فيه».
نعم؛ إن الكرم في الوطن العربي في أغلبه هو عقد اجتماعي يقوم على تبادل المنافع، ومن يقلْ بغير ذلك فليأتِ بالدليل، هذا في الوطن العربي، أما الغرب فقد حسموا هذه المسألة، وجعلوا الدعوات والولائم تقوم على «القطة» وتعني أن يدفع الجميع ثمن الفاتورة بالتساوي.
حسناً ماذا بقي:
الأحرار يردون المعروف، ويردون التحية بمثلها أو بأحسن منها، لذلك أقترح بأن توضع قائمة للجمايل بحيث نعرف ما لنا وما علينا، ونغلق باب الاستغلال حين يكرمك شخصٌ بألف ريال ثم يطلب عشرة، وهذا الحديث عن أصحاب الدنيا فقط، أما أولئك النبلاء الذين يساعدون الناس ويكرمونهم فهؤلاء أجرهم على الله، لأنهم عندما أقاموا الولائم قالوا للمدعوين إننا نطعمكم لوجه الله، لا نريد منكم جزاءً ولا شكورًا.