من عمق الصحراء نشأت المملكة، ومن عمق الصحراء أيضاً نشأ اقتصادها القوي حيث دفعت أول بئر نفطية إنتاجها إلى سطح الأرض عام 1938 في عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود. ثم أصبحت المملكة أول الدول الكبرى المصدرة للنفط، وبقي النفط حتى يومنا هذا المصدر الأهم والأوفر للطاقة وتعد المملكة الدولة الأهم المصدرة له، غير أن المتغيرات العالمية تسارعت نحو التخفيف من الاعتماد عليه والاتجاه إلى الطاقة البديلة. لم تكن المملكة العربية السعودية بعيدة عن هذه التغيرات العالمية المتسارعة بل كانت قريبة منها ومواكبة لها؛ ولهذا انطلقت رؤيتها (رؤية المملكة 2030) عام 2016 لتدشن مرحلة اقتصادية واجتماعية جديدة عبر محاورها الثلاثة..
مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر، ووطن طموح. ثمة مؤشرات كبيرة على أن المملكة قوة اقتصادية عالمية مؤثرة، فالاقتصاد السعودي قادر على الصمود والمواكبة للمتغيرات العالمية، ففي الوقت الذي هزت فيه جائحة (كوفيد 19) أكبر اقتصادات العالم خلال العامين الماضيين، كان الاقتصاد السعودي ثابتاً وقوياً وذلك نتيجة لكفاءة الإصلاحات التي تمت قبل الجائحة بعدة سنوات.
فقد توقع المؤشر الدولي IHS ماركت أن تسجل المملكة ثاني أعلى معدلات النمو الاقتصادي في دول مجموعة العشرين (G20) خلال الربع الأخير من عام 2021 بنسبة قدرها 11.1%، وبفارق طفيف عن إيطاليا صاحبة المعدل الأعلى نمواً المتوقع من بين جميع دول المجموعة، كما ارتفع إجمالي نمو الناتج المحلي لاقتصاد المملكة إلى 7٪ خلال الربع الثالث من عام 2021 مما يعكس سرعة التعافي من الآثار الاقتصادية للجائحة.
ومن المعروف أن جائحة (كوفيد 19) أثرت سلباً في قطاع التوظيف العالمي، غير أن قطاع التوظيف السعودي شهد ازدهارًا كبيرًا حيث ازدادت نسبة توظيف السعوديين في القطاع الخاص، وبلغ عدد الملتحقين بالوظائف تسعين ألفًا من الجنسين خلال الربع الرابع من العام المنصرم، فبلغ عدد العاملين أكثر من مليون وتسعمئة ألف موظف وموظفة في ديسمبر من العام الماضي؛ الأمر الذي يعكس فاعلية العمل والإنتاج وكذلك زيادة نسبة التحاق النساء في العمل بالقطاع الخاص، الأمر الذي يمثل انتعاشًا في سوق العمل السعودي. كما تحققت خطط التقليل من الاعتماد على النفط وتنويع مصادر الاقتصاد السعودي، حيث ارتفعت نسبة الصادرات غير النفطية 33٪ في الربع الثالث من عام 2021 مقارنة بالعام الذي سبقه. هنا يعد الاقتصاد السعودي أهم وأفضل الاقتصادات من بين مجموعة دول العشرين، وسوف تستمر مسيرة الانتعاش والازدهار وفقًا لرؤية المملكة 2030 التي استهدفت وضع المملكة من أفضل دول العالم في كل المجالات وحققت مستهدفاتها في وقت مبكر، لتكون المملكة في مقدمة دول العالم.