ومن أسباب الانفعالات السيّئة، الإفراط فيما يُسمّى «الشّغف»، حين يرتبط بهوس حبّ الظهور وقلق نيْل الصّيت والغنى، ويحفّز على فرط الأنانية أو التعدّي على الآخرين، فهو بهذا يتحوّل من أمرٍ عقلاني محمود، إلى هاجسٍ مذموم وخطرٍ جسيم يهدّدان الأمان النفسي.
يقول الدكتور (عبدالوهاب المسيري): «وقد تعلّمت أن النجاح والفشل في الحياة العامة حسب المعايير السائدة، ليس بالضرورة حكماً مصيباً أو نهائياً، وأنّ الإنسان قد يفشل بالمعايير السائدة، ولكنه قد ينجح بمعايير أكثر أصالةً وإبداعاً».
من الملاحظ أنّ عددًا ممن حققوا نجاحاتٍ لافتة، دفعوا أيضا أثماناً باهظة، حيث اضطروا للتضحية بعلاقات صحيّة، وأوقاتٍ لا يمكنهم تعويضها، ثمّ تفاجأوا بمشاعر نشوة مؤقّتة عابرة، وبأن القضية برمّتها لم تكن تستدعي منهم ذلك الإفراط في القلق والغضب والعدائية، أو التضحية بطمأنينتهم، فيقعون في فخّ ما يسمى «اكتئاب النجاح».. يقول الفيلسوف الروماني (بويثيوس): «المكيدةُ الكامنة في صلب الحياة، هي أنّ لذّة الإشباع تأتي دائمًا أقلّ بكثير مما وعدَنا الجوع».
إنّ الطموح أمرٌ مطلوب، والنجاح من مكوّنات السّعادة، لكن الهوس بهما من أسباب الشقاء والتعاسة، كما أنّ ترك الجشع والتكالب، يُكسب قدراً من المُرونة والتسامح، نتاجه النجاح والإبداع في المجال المناسب، فضلاً عن الشعور العميق بالرّضا والطمأنينة.. يقول الأديب (إرنيست هيمنغواي): «منذ طفولتي وأنا أصل إلى ما أريد، لكنني أصل وأنا مُنهَك، بالقدْر الذي لا يجعلني أفرح، وكأني أريد أن أصل لأستريح.. أستريح فقط».