Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيلة زين العابدين حماد

الصفويون الجدد في القرن الإفريقي

A A
منطقة القرن الإفريقي تقع على رأس مضيق باب المندب من الساحل الإفريقي، وتضم: إرتيريا، جيبوتي، الصومال، إثيوبيا، وبعد الثورة الإيرانية نما في هذه المنطقة نشاط إيران في تشييع السُنّة بالمذهب الاثني عشري، حتى بلغ ظاهرة خطيرة في عموم إفريقيا وفي منطقة القرن الإفريقي خاصة؛ لأنّ ولاء هؤلاء المتشيعين سيكون للولي الفقيه في إيران، وليس لبلادهم، ولتبرير وجود إيران البحري في المنطقة تذرعت بحماية مصالحها، فأقامت القاعدة المتعددة المهام في ميناء مصوع الإرتيري على باب المندب، وتؤكد المعلومات المتناقلة عنها أنّها قاعدة عسكرية متكاملة فيها سفن حربية، وغواصات وطائرات بلا طيار، وعدد من جنود الحرس الثوري؛ حيث نقلت إليها جنودًا ومعدات عسكرية وصواريخ باليستية بعيدة المدى، فالإيرانيون يستخدمون طائرات صغيرة من دون طيار، لحماية القاعدة.

واعترفت إيران بأنّها تحاول جاهدة السيطرة على مداخل البحر الأحمر عند مضيق عدن قبالة السواحل اليمنية، بزعم وجود عمليات قرصنة، وهي ذاتها تمارسها ولاسيما بعد استيلاء مليشياتها الحوثية على ميناء الحديدة، فإحكام إيران سيطرتها على البحر الأحمر هدف تسعى إليه، كما أنّ تطويق الدول المناوئة لها هدف تنسق له ضمن إستراتيجيتها العامة، فهي تسعى إلى ترسيخ نفوذها الإقليمي في البحر الأحمر من خلال الحليف الحوثي الذي استطاع الوصول إلى ميناء الحديدة على المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، كما أنّها تمثل نوعًا من التطويق للسعودية من الجنوب، وأصبحت بذلك تتحكم في مضيق باب المندب وحركة الملاحة والتجارة العالمية فيه. والخطوات التي تتبعها إيران لتشييع السُّنّة هي:

1. دعم الوجود المسلم في تلك البلاد من خلال دعم الجوامع ومراكز التعليم والتعرف على الواجهات الدينية.

2. الدخول إلى المجتمع من أبواب الأدوار الإنسانية، وإنشاء منظمات للنساء كمنظمة «الزهراء» وإنشاء المراكز الثقافية إذا أتيح لها ذلك.

3. التفويج للتعليم في إيران أو إيجاد مراكز تعليم لها، وهو نشاط حثيث وسري ديدنه التّقية، لذلك لا يظهر إلا حين يكون أمرًا واقعًا.

وهناك تواطؤ بين النظام الحاكم في إرتيريا وإيران على تشييع السنة في إرتيريا، فتقاريرٌ مختلفة تتحدث عن تواجد التشيع في إرتيريا لكنها تعميمية لا تعطي دلائل لحقائق فعلية، مع أنّه لا يمكن نفي الأمر نسبةً للنشاط الإيراني المكثف، ولحرص النظام الحاكم على إيجاد بؤر يتمزق فيها النسيج الموحد للمسلمين، خاصة بعد أن أذهلهم التناسق الذي رأوه في وحدة الصف المسلم في أحداث مختلفة أهمها: محاولة الانقلاب في 12 /2013، ولذلك حرص النظام على تشييع السنة في إرتيريا.

قال أبوفيصل الأحوازي في نشوان نيوز 12-12-2009: «بدأت إيران ومنذ إقامة العلاقات مع إريتريا بنشر التشيُّع الصفوي وسط أتباع الصوفية عن طريق ملحقها الثقافي، وللتأكيد على أنَّ لإيران أهدافًا مبيَّتة غير تلك المعلنة المتعلقة بمصفاة تكرير البترول، ومن تلك الأهداف تمركز إيران في أهم ممرين مائيين في العالم، هما باب السلام الأحوازي «مضيق هرمز»، و«باب المندب».

أمّا عن إثيوبيا، فقد نشر مركز نماء إنّ حركة تشييع السنة في أوجها، وخاصة في إقليم «نغلي بورنا» والعاصمة أديس أبابا.

أمّا الصومال، فتقع شرقي إفريقيا في المنطقة المعروفة بـ«القرن الإفريقي»، يحدها من الشمال خليج عدن وجيبوتي، ومن الجنوب كينيا، ومن الشرق المحيط الهندي، ومن الغرب إثيوبيا، فالصوماليون مسلمون كلهم، سنيون في مجملهم، أصبحوا يُواجهون حملات لتشييعهم من قبل الصفويين الجُدد.

وعندما نذهب إلى جيبوتي، نجد أنّ لها علاقات وطيدة مع إيران، ومساعدات إيران متعددة لزرع أذرعها في البلد، وهو ما تؤكده التقارير المختلفة، ويوجد ترخيص لمنظمة تعمل على نشر التشيّع، كما ينقلها أحد مراكز التواصل الاجتماعي. وهي «مجموعة المستبصرون»، وهي أول خلية شيعية جيبوتية يقودها المدعو عبدالرحمن آدن ورسمة، وهو متشيِّع يعمل لصالح إيران لتشييع مزيد من الجيبوتيين.

وأهم الآثار المترتبة على ذلك نُلخِّصها في الآتي:

1. لا يمكن لدولة تسيطر إيران على أغلبية شيعتها أن تستقل بقرارها عن إيران، وهذا ماثل أمامنا في كثير من الدول.

2. سعي إيران إلى إقامة «شريط تشيُّعي» يؤمن بالمبادئ الإيرانية على طول الحدود مع السعودية، وموالِ لها، لتهديد أمن واستقرار المملكة، كما أنّه سيزيد من أنشطة إيران التخريبية وزيادة حجم الموالين لها من خلال تشييعهم وتحويلهم إلى مليشيات مسلّحة تعمل لبسط نفوذها.

على الدول العربية التي لها تواجد قوي في القرن الإفريقي وضع خطة إستراتيجية لإحباط هذا المشروع الخطير للصفويين الجُدد في تشييع السُّنة في القرن الإفريقي، وبسط نفوذها العسكري والثقافي.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store