Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

يوميات مرافق

يوميات مرافق

بصراحة.. وأشياء أخرى

A A
قال لي حين كلمته مبحوح الصوت، وبترحاب لا يستقيم مع أنّة صوته: تصدّق يا صديقي ليس بيني وبين ولدي سوى سرير نظيف بملاية بيضاء، ووجه يشعّ النور منه ما شاء الله، كلما تحرّك قليلا لينقلب على جنبه يمنة ويسرة يتمتم بكلمات غير مفهومة مثل: يمّه فينك، وأنا في احتضار النوم بالكاد أرفع رمش عيني، مختلطة بدمعي فوالدته رحلت وتركتنا، وأحاول أن أكون أبًا وأمًا في نفس اللحظة، هل تعرف ما أقصده يا صديقي؟ - نعم أعرف لقد مررتُ به يا صاحبي! وأكمل بعد أن شعرت أن الدموع ثلاثتنا: حين أصحو أجد شبّاك الغرفة الزجاجي يغمره الحزن وكأنه يجلدنا هو الآخر، دولاب الملابس المخصص للمريض والمرافق مقفل إلا من نصف باب وكأنه يقول: لا بأس بإذن الله ولدك سيكون بخير وسلامة تعال إليّ دعني أضمّك، أرشف حزنك وأبدله فرحًا! يا صديقي أكثر ما يزعجني في كل مرّة حين تأتي ممرضة تستأذن ولدي لتأخذ من دمي أقصد دمه للتحاليل، حين يكثرون من براويزهم كنت أسرّ حديثا في نفسي قائلا: (حرام عليكم لم يبقَ من ولدي سوى دمه) وهنا مشّاية يحاول ولدي مقاومتها بالحركة، أحسست رغم أنه في بداية المراهقة رجع كطفل يقول لي: بابا..

أزعجتك يا صديقي لكن تحمّل لم يضربك أحد على كفك كي تتصل عليّ.. ضحك صاحبي كثيرًا وشاركته كل شيء لكني حين أقفلت هاتفي جاءني هاتف ينخر أذني، هل كل الآباء سواء في الوجع والفقد وتحمّل المسؤولية؟ وأعطاني هذا مؤشرًا ربما لم ننتبه له هو: أن المرافقين مع المرضى في الحقيقة مرضى فالحالة النفسية عند أغلبهم هي ما بين التظاهر بالإيجابية لمرضاهم ليعطوهم طاقة التشجيع وعندما يغادرون غرفهم تكون حالة أخرى مغايرة من الهم والسجن عفوًا سجن الغرفة وإن كان في مرفق صحي! أرجوكم لا تبخلوا على أصدقائكم من الاتصال عليهم، إن بدأوا الكلام دعهم يخرجون كل ما في دواخلهم وخلجات أنفسهم، اسمعوهم كثيرًا وتكلموا معهم قليلا.. لعل دعوة منك أو منه تجد استجابة من ربّ السماء والأرض وربّ كل شيء آخذ بناصيته.

أرجوكم كل ما شعرتم بوخزة في أجسامكم الطاهرة تذكروا المرضى والمرافقين، هناك ينتظرون من يسلّم عليهم، لا تبخلوا عليهم برنّة لا تتجاوز دقائق.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store