Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. أحمد أسعد خليل

أطفال الحرم!!

A A
الحمد لله الذي تتم به الصالحات، وبشكره تدوم النعم، الحمد لله الذي أنعم علينا بانتهاء وزوال الجائحة التي عصفت بالكرة الأرضية من شرقها لغربها، ومن شمالها لجنوبها، الحمد لله على وطن نعيش فيه بكل أمنٍَ وأمان، الحمد لله على قيادتنا التي راعت حياة الإنسان، وأعطته الأولوية في الرعاية بكل اطمئنان، الحمد لله عاد اكتمال الصفوف في الحرمين، بعد الاحترازات والإجراءات بكل اتقان، الحمد لله أول كل شيء، والحمد لله بعد كل شيء.

قبل أيام قليلة، تم السماح بعودة فتح أبواب الحرمين الشريفين أمام الجميع من مختلف الأعمار -كبار وصغار- بشكلٍ طبيعي، وهذا الأمر جلب الارتياح والطمأنينة لجميع المسلمين داخل وخارج المملكة، معتمرين وزائرين وحجاج بإذن الله، ونحن نُثمِّن هذا العمل الكبير الذي تم بتوفيق من الله أولاً، ثم بجهود جبارة من الدولة بكافة قطاعاتها وأجهزتها المختلفة، بعملٍ متكامل ومتكاتف.

وقبل أيام أيضاًً، انتشر مقطع مرئي على مواقع التواصل الاجتماعي، بث فيه مشاهد من الحرم النبوي الشريف لأطفال صغار يلعبون ويعبثون في أروقة وساحات الحرم بشكلٍ عشوائي ومزعج لمرتادي الحرم من المصلين والزائرين، ولأن الحرم النبوي مكان مخصص للعبادات والخشوع، والاختلاء الروحي بين العبد وربه، وكانت الفترة الماضية مثالاً جيداً للهدوء والسكينة أثناء تأدية الفروض والزيارة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، بعيداً عن وجود الأطفال الذين لا يُدركون أهمية هذا المكان وعظمته الروحانية، وهذا الأمر قد يخفى على بعض أهاليهم أيضاً، ظنًّا بأن هذا المكان منتزه أو استراحة وفسحة يقضون فيه بعض أوقاتهم مع أطفالهم، دون تقدير أو وعي كافِ لتأثير هذه التصرفات الفردية على بقية زائري الحرم النبوي، وإحداث تشويش كبير للمصلين والخاشعين في بيت من بيوت الله المقدسة.

صحيح أن الأطفال أحباب الله، وصحيح أن نُربِّيهم على حب بيوت الله، واعتيادهم لتعلُّم العبادات فيه، ولكن هذا الأمر لابد أن يكون وفق ضوابط محددة، ودون أي إزعاج لمن حولهم، وهذا الأمر لن يتم إلا من خلال وضع أنظمة صارمة من قِبَل رئاسة الحرمين الشريفين لاصطحاب الأطفال دون سن 12 سنة إلى الحرمين الشريفين، وباعتقادي أن هذا الأمر مُرحَّب به من قِبَل الجميع، والدليل بأن فترة وجود الاحترازات كان يتم الأمر بكل يسرٍ، وكان الحرم النبوي وساحاته مهيَّأ للعبادات فقط، فالعائلة تُصلِّي والأطفال يلهون ويُلهون مَن حولهم، وقد ترتفع أصوات صراخهم وبكائهم، وقد يضيع الخشوع والأجر معاً من العائلة ولكل من حولهم كذلك.

نرجو من الأفاضل في رئاسة الحرمين الشريفين - مشكورين - النظر في هذا المطلب بشكلٍ عاجل، وخصوصاً مع اقتراب شهر رمضان المبارك، وأن يتم اتخاذ الإجراءات الصارمة لكل مَن يستهين بوجود ولِعب أطفاله بين أروقة الحرمين وساحاته، أو تحديد دخول الحرمين لمن تتجاوز أعمارهم الاثني عشر عاماً بشكلٍ قاطع، والله أعلم.


contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store