Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

مكة.. التوافد البشري والتطور العمراني

A A
دعيت لإفطار في أحد أيام رمضان في مكة المكرمة، فأول ما شد الانتباه عندي وأنا أنظر من الشرفة الى الحرم وما حوله هذا الزخم الكبير والمتدفق من زوار بيت الله الحرام يؤدون عمرة أو يقيمون صلاة، فالحمد لله أولا أن جعل بيته آمنًا تفد اليه القلوب معطرة بحبات الشوق من كل فج عميق، والحمد لله ثانيًا أن جعل أمن هذا البيت وأمن مسجد رسوله صلى الله عليه وسلم ترعاهما دولة منحت الحرم المكي والمسجد النبوي تطورًا في بنائهما ومتسعًا في مكانهما وجعلت القيام على خدمتهما من أولى أولوياتها وأرقى أنواع ما يقدم من الخدمة حتى أصبحا مضرب المثل في النظافة والنظام والأمن والأمان وفن التعامل مع الحشود وتحول فيهما أجواء الجو الحار أيام الصيف إلى أجواء لطيفة من خلال استخدام المكيفات ومرشات الماء الباردة ومكنت بالخدمة الأمنية إذ جعلت الحشود ذات الأعداد الكبيرة والتي تصل بالملايين سواء في عمرة رمضان أو أيام الحج تسير نحو الحرم بانسيابية وتنظيم متكامل في كل شيء، فجزى الله القائمين على ذلك كل خير وفي مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين -حفظهما الله-، وهذا كله تم بفضل الله ثم باهتمامهما الكبير بالحرمين الشريفين.

إن هذا العمل الجبار في خدمة الحرمين الشريفين طوال العام وخاصة أيام الحج ورمضان منح السعودية وسام رعاية الحرمين الشريفين بجدارة، فحقق الله لها كل الشرف ومكنها من السيادة للقيام بها، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم وهذا أشرف المواقف السيادية للسعودية.

إن التطور العمراني الذي تعيشه مكة المكرمة والمدينة المنورة يمنح فرصة أكبر للتوافد البشري ويلمس قلوب المسلمين في كل مكان في تحقيق ما يصبون اليه من رغبة في حج بيت الله وزيارة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك يمنح المملكة رصيدًا كبيرًا من العالمية والمعنى الحقيقي لها كدولة عظمى كون قائدة العالم الإسلامي هي من تشرف على مقدساته وترعى قاصديه من جميع انحاء العالم وتواكب احتياجاتهم، ولم يعد وجود المسلمين اليوم كما نعلم فقط في الدول الإسلامية بل إن العالم الغربي والعالم الشرقي أصبح فيه أعداد كبيرة من المسلمين الذين ينشدون أداء الحج والعمرة وزيارة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولعل التوافد إلى بيت الله من دول متعددة يعود بالنفع المادي والمعنوي على أمة محمد صلى الله عليه وسلم كما ذكر ذلك القرآن الكريم (ليشهدوا منافع لهم)، وتشهد هذه الأعداد الكبيرة القادمة لأداء عمرة رمضان ما عليه حال مكة المكرمة والمدينة المنورة من تطور عمراني وتوسع كبير في النواحي الفندقية وتوفير السكن ولم يكن الكثير منا يتوقع أن يكون هذا التدفق بهذا الكم الهائل من قاصدي مكة المكرمة والمدينة المنورة بعد التعافي المباشر من جائحة كورونا، فبارك الله بالجهود والتميز الدائم لقيادتنا في كل الأمور بما في ذلك القيام على خدمة وفود الرحمن وخدمة الحرمين الشريفين جعلهما كما أراد الله مكانًا آمنًا مطمئنًا يجبى إليهما الخير من كل مكان فالحمد لله على نعمه وآلائه.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store