Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

الموظف والزوجة مرموقة الوظيفة!!

A A
من صفات الله سبحانه وتعالى العدل، ويحب أن يسود العدل بين خلقه، والعدل ميزان الأمور كما قيل، ولا يمكن أن يكون هناك حكم شرعي دون أن يتصف بالعدل، وقد اشتاط يومًا شاب غضبًا وطرح علينا سؤالًا يبحث فيه عن العدل وخصني بالإجابة عليه وهو: أنا موظف راتبي تسعة آلاف ريال وزوجتي موظفة راتبها ثلاثون ألف ريال وأنا أتحمل مصاريف البيت ومدارس الأولاد واحتياجاتهم ثم تطلب زوجتي أن أنفق عليها وعلى ملابسها وشراء سيارة لها فهل هذا عدل؟ وكلما أتناقش معها ترد بأن هذا حكم الشرع وللأسف هناك من يقول معها هذا حكم الشرع، يعني هي تحتفظ برواتبها ولا تنفق شيئًا على بيتها أو أطفالها أو نفسها، وأنا أتحمل كل مصاريفها لدرجة أنني اقترضت من البنك وهي لا تشارك حتى في الصرف على نفسها، فهل هذا بالله عليك يادكتور عدل؟ أنا أقترض من البنوك وهي تخزن مالها في البنك!
فرد أحد الحضور ليتفلسف فقهيًا ويقول: نعم إن هذا رأي الدين والإمام أحمد بن حنبل يقول بهذا، بل عليك أن تأتي لها أيضًا بخادمة وهي ليست مسؤولة أن تطبخ لك أو تغسل ملابسك مما جعل صاحب السؤال يشتاط غضبًا على غضب ويسكته قائلا: أنا سألت الدكتور ولم أطلب منك الإجابة، فقلت رأيي بكل وضوح واريحية، إن ما قاله الفقه والشرع في حق النفقة على الزوجة شيء صحيح نظريًا ولكنه في الواقع الذي تعيشه أنت وتسأل عنه فإنه يحتاج الى تفهم، وقد يكون له حكمًا آخر في الشرع، فالحياة مشاركة على أقل التقدير يجب عليها أن تقوم بشراء ما تحتاجه لنفسها ولا تلزمه بالنفقة على احتياجاتها والأمر الفقهي هذا ليس رأي الجمهور أو رأي الاجماع، وأقترح أن يعاد النظر فيه من جديد تحديدًا على مثل هذه الحالات والتصورات الواقعية بعيدًا عن المثالية لأن النفقة واجبة على الرجل في احتياجات الزوجة عندما لا تعمل وليس لها دخل مادي أو راتب وأعتقد جازمًا أن هناك إجابة شرعية فقهية فيما يخص موضوع النفقة في حالة المرأة الموظفة خاصة إذا كان الراتب أربعة أضعاف راتب زوجها والزوج حاله كحال صاحبنا لأن هذا ليس عدلاً وكل من عنده ذرة من ضمير وعدل ويقرأ المشهد الدرامي لهذا الشاب الذي يعاني ماليًا وبين زوجته المكتنزة ماليًا لابد أن يرجح ضرورة أن تكون الحياة مشاركة وأن يتقاسم الاثنان المصاريف العائلية وأن على الاثنين النفقة في كل ما يخص حياتهما خاصة ونحن في زمن تطورت فيه كثير من أحكام الأحوال الشخصية وما يخص الزواج والطلاق والخلع والحضانة وكثير من الأمور التي لها علاقة بالأسرة وأصبحت تواكب ما هو موجود عالميًا وحان الوقت أن تشارك المرأة العاملة والموظفة والتي رضيت بحياة العمل والكد المالي الرجل في متطلبات الحياة وتكوين الأسرة، وهل للزوجة إلا زوجها وأولادها؟ وبالتالي أعتقد أنه من العدل أن تشارك الزوجة في النفقة وأن تكون نفقتها على نفسها من مالها خاصة إذا كان زوجها موظفًا صغيرًا وهي ذات وظيفة كبيرة وإلا سيترتب على ذلك قهر الزوج وبالتالي الانفصال والطلاق وتشتت الأسرة كما في حال صاحبنا الذي يكاد يموت قهرًا من وضعه.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store