Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

قهوة خرّيجة علم النفس!!

A A
على قارعة طريق أحد الشوارع الرئيسة في مدينة جدّة اشتريتُ من بسْطة فتاة سعودية ألذّ قهوة سعودية منزلية ذُقتها في حياتي، وهي ليست مثل أصناف القهوة الجاهزة التي تبيعها المقاهي الفاخرة بأغلى الأسعار ومع ذلك يتجرّعها الزبون ولا يكاد يسيغها، ويتمنّى أن لم يكن قد دفع مقابلها ولو هللة واحدة يتيمة!.

وبفضول الكاتب الصحفي عَلِمْتُ قصّة الفتاة، إذ تخرّجت هي من الجامعة تخصّص علم النفس، فلم تجد وظيفة في نفس مجال تخصّصها الهام رغم كثرة الجهات التي تحتاج لأمثالها واكتظاظها بالموظفين الأجانب، فآثرت تطوير نفسها في الصباح بدراسة المزيد من علوم تخصّصها، وصناعة وبيع القهوة في المساء لتُغطّي تكاليف الدراسة وتكسب قليلاً من الرزق الحلال والشريف.

وهذا لعمركم تصرّف حكيم وذي قيمة من فتاة غضّة في مقتبل العمر، وأعتبرها فتاة شجاعة وعصامية ومثابرة، وتستحقّ الإشادة والثناء مرّتيْن، الأولى على طعم قهوتها اللذيذ، والثانية على عدم استسلامها للبطالة، والكفاح من أجل لقمة عيش شريفة، وكم أتمنّى مساعدتها على تحقيق حلمها الوظيفي وطموحها العلمي.

وهنا أجدني للمرّة «التسعطعشر» أطالب بحلّ مشكلة البطالة في ربوع الوطن، ومعاملة البطالة مثل معاملة الشجرة الخبيثة التي يجب اجتثاثها من تحت الأرض بكامل جذورها، للخرّيجين الرجال والنساء على حدٍّ سواء، وعدم تضييع المليارات التي تكبّدتها الدولة على تعليمهم من السنة الأولى الإبتدائية إلى نهاية المرحلة الجامعية، وحرام أن تذهب تلك المليارات سُدى، والله وتالله وبالله.. حرام!.

وهنا أدرك شهرزاد الصباح، وختمت كلامها المُباح، بتحية لهذه الفتاة، فقد كان بوسع الفتاة تقليد بعض الفتيات اللاتي اقتحمن عالم السوشيال ميديا، وأسأْنَ اقتحامه بدخوله من الباب الخطأ، وتقديم المُحتوى السخيف، وتجرّدْنَ من عباءة الاحتشام، سعياً خلف الشهرة والإعلانات التجارية والثراء، ولو أجريْتُ مقارنة بينها وبينهنّ لكانت هي الثُريّا وهُنّ الثرى، وهدفها جليل بينما هدفهنّ عليل!.

ويا الله: هب وظيفة شريفة لكلّ عاطل وعاطلة، فلا يبقى للبطالة أثر يد أو قدم!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store