نبي من أنبياء الله دعى الله بأن يؤتيه ملك لم يؤته أحد من العالمين، فاستجاب له ربه واتاه من المعجزات والنعم ما لم يعط غيره من البشر، حيث اتاه الملك والحكمة وسخر له الرياح والجن، ومن تلك المعجزات اسال له النحاس، وفهم لغة الطير، وكان عليه السلام تحت أمرته كل ما يحتاج الملك اليه من جنود وجيوش، ومع ذلك يتفقد! وماذا يتفقد؟ كائن صغير "الطير" ذلك نبي الله سليمان عليه السلام.
"تفقد" اذا تأملنا في هذه المفردة وبحثنا في أغوارها لوجدناها تعني طلب الشيء ومعرفه أحواله، وذلك حال القائد حينما يتفقد جنوده ومن هم تحت أمرته، ويقف على جميع الأمور صغيرها قبل كبيرها.
ونجد النقيض في عصرنا الحالي في بعض من ينادون بتمكين الموظفين واعطائهم الصلاحيات دون رقابة مرددين عبارات فضفاضة وشعارات رنانة "لا تقيده... دعه يبدع... دعه ينجز..."!
وتناسوا القاعدة الجوهرية واساسيات العمل الاداري والتي تبين ان الرقابة ليست ضد تمكين العاملين، فالرقابة تعتبر من وظائف الإدارة الخمس إذا كانت بمعناها الصحيح.
وكانت لتصحيح الانحرافات عن ما خطط له وللوصول للاهداف الاستراتيجية المراد تحقيقها عن طريق تحديد الإجراء الصحيح الواجب اتخاذه لمعرفة سبب الانحراف والعوامل التي أدت الى هذا الخلل وبالتالي السعي الجاد لتصحيح المسار الى الاتجاه الصحيح.
واذا ايقنا بان الهدف من الرقابة هو التأكيد من ان ما خطط له نفذ، بينما التمكين يساهم في تنفيذ ما خطط له بالشكل الصحيح، اذن فالعلاقة بينهما تكمن في تنفيذ المهام، والقيام بالأعمال وانجازها بالطريقة الصحيحة، فالتركيز على تمكين العاملين يولد لديهم الثقة في انجاز أعمالهم بفعالية وكفاءة عالية ويساعد القائد على الاستفادة من الإمكانيات المتوفرة من الموارد البشرية على اختلافها وتعددها اقصى استفادة ممكنة، ويعطي للعمل قيمة مضافة ومعنى أكبر، وإذا تم ذلك فان القائد يلجأ للرقابة للتوجيه من أجل الوصول للهدف المراد تحقيقه.
مما يعني ان تطبيق التمكين يحتاج الى رقابة، فالتمكين لا يعني ان يترك الموظفين دون أي ضوابط أو قيود، على ان تكون الرقابة وسيله لزياده فعالية الإدارة، ويتم من خلالها التحقق من ان الأعمال تسير في الاتجاه الصحيح بالكفاءة والفاعلية المطلوبة.
* همسة مسموعة:
"اشتغل.. انجز.. ابدع.. وعين القائد عليك".
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
