في ظل عصر العولمة التي يعيشها العالم والتي باتت كقرية صغيرة يستطيع حامل هاتف الجوال التجول بجميع أنحاء العالم وهو مستقر في مكانه ورغم ذلك إلا أن هذه العولمة قد تشكل تهديدًا فكريًا للمجتمعات وهدم لقيمها وهو ما يعد غزوًا مدمرًا تعجز عنه الحروب بالأسلحة.
السعودية ليست بمنأى عن ما يشكل تهديدًا لفكر المجتمع من الغزو الذي يتوغل خاصة بمواقع وسائل التواصل الاجتماعي، وقد ابتلينا بمحتوى مكثف متضمنه إعلانات مسيئة تتعارض مع القيم والمبادئ ومن ضمنها على سبيل المثال لا الحصر منصة يوتيوب التي تعج بهذه الإعلانات منذ عدة سنوات مما شكل تأثيرًا ملحوظًا بشكل سلبي دون تحرك لمجابهتها والقضاء عليها بإيجاد سدًا منيعًا لصدها.
على إثر ذلك طلبت الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع وهيئة الاتصالات وتقنيات المعلومات من منصة يوتيوب التابعة لشركة جوجل إزالة الإعلانات المسيئة وأنها ستقوم بمتابعة مدى التزامها بالأنظمة وسيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقها في حال استمرارها في نشر الإعلانات المسيئة وفقًا لنظامي الاتصالات والإعلام المرئي والمسموع، نرجو أن تستمر هذا المتابعة وأن تمتد للتطبيقات الذكية المختلفة وخاصة التي يرتادها الأطفال. حقيقة إن هذا الإجراء وإن تأخر كثيرًا لكن يصل متأخرًا خيرًا من أن لا يصل، يعد جهدًا مميزًا كان يجب أن يكون مبكرًا لرصد كل ما من شأنه أن يشكل تهديدًا للقيم والمبادئ ومع ذلك لا يجب أن نكتفي بذلك فهناك شرائح مجتمع مختلفة مناطة هي الأخرى بمواجهة هذه الإعلانات المسيئة ولعلي أخص بالذكر هنا خط الدفاع الأول والأهم في حماية العقول وتغذيتها بما هو مفيد ألا وهي الأسرة التي هي مصدر التمويل الأساسي لأبنائهم فيما يتعلق بالأجهزة الإلكترونية، فهم في جهاد للدفاع الحقيقي عن عقول جيل المستقبل ومجابهة الغزو الفكري الذي يعنى بالتضارب أو الاختلاف في الأفكار أو الأيديولوجيات أو المفاهيم المتعارضة التي تستخدمها بعض الدول أو المنظمات لدعم مصالحها الخارجية وهو أبشع وسائل الغزو يبني ويهدم أمم، وجب القول لهم بأن الغزو الفكري في أوجهه وأبناؤنا مستهدفون من عدة جبهات الهدف منها هدم القيم الإسلامية والمجتمع وما يخالف الفطرة السوية يأتي منها على سبيل المثال دعم المثليين وتحريض الشباب والفتيات بالافتئات على ولي الأمر وكذلك الأنظمة وحقوق الآخرين، لذلك الجهاد يجب أن يكون في متابعة الأبناء والجلوس معهم وتفعيل الحوار وبيان خطر هذا الغزو عليهم وإزالة الشبهات التي يلقيها الغزو في أفكار الأمة، ختامًا بمثل هذا الجهاد الحقيقي تنتصر الأمة وتكون صمام أمان حتى للأجيال المتعاقبة وبهم تنهض الأمم وبهم تضرب الأمثال في تطور مجتمعهم وقوة جبهاتهم وإنار عقولهم.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
