Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

حكايات من البقالات!!

A A
ليس لدىَّ إحصائية دقيقة عن عدد البقالات العاملة في مدننا، لكنني أعتقد أنّه يناهز عشرات الآلاف، وهي أحد أهمّ مراكز التسوّق الغذائي في المملكة، وتنتشر في الشوارع الرئيسة كما الفرعية، وتعمل كما هو معلوم بتجارة بيع المواد الغذائية بالمُفرّق، وهي أوّل منشآتنا الاقتصادية عملاً في الصباح الباكر، لا سيّما تلك التي تتوفّر فيها مخابز، إذ تبدأ دوامها بُعيْد صلاة الفجر إلى ما بعد منتصف الليل، ولا يستغني عنها مواطن ولا مُقيم طيلة الحياة.

ولكن لا يعني هذا أنّها مُنشآت نموذجية، إذ هي عامرة بالسلبيات، بل ومُتخمة بها، وأهمّ سلبياتها هو احتكارها من الإخوة الأجانب، وهناك جنسيات مُحدّدة قد لا تتجاوز الاثنتين أو الثلاث تحتكرها بامتياز أكثر من غيرها، ولا أعلم سبباً للاحتكار العجيب، هل هو تستّر تجاري من بعض المواطنين؟، أم تُراه استثماراً مسموحاً به لكنّه تجاوز حدّ المعقول؟، لكنّي أعلم أنّ كلّ من يعمل فيها هم أجانب من نفس الجنسية للبقالة الواحدة، ولا يوجد أثر لمواطن أو مواطنة يعملان فيها، بمعنى أنّ نسبة توطين وظائفها تدنو من النسبة الجميلة والمُذْهِلة (صِفْر ٪).

وأعلم كذلك بناءً على قصص واقعية رُويت لي؛ أنّ المواطن الذي يفتح بقالة يفشل فيها فشلاً ذريعاً لسببٍ بسيط؛ هو أنّ الموظّفين الأجانب العاملين في شركات استيراد وبيع المواد الغذائية بالجُملة ممّن يزوّدون البضائع للبقالات لبيعها بالمُفرّق؛ ينحازون لبني جلدتهم في البقالات المجاورة لبقالة المواطن، فيُوفّرون لهم البضائع بأسرع وأرخص ممّا يُوفّرونها للمواطن، وأحياناً بعدم توفيرها له لإفشال بقالته، فينأى الزبائن عن بقالته، ويتعاملون مع البقالات التي تتوفّر فيها البضائع المرغوبة، وهكذا يفشل المواطن ويُقبّل بقالته لأجنبي يُنجّحها نجاحاً وفيراً؛ بفضل بني جلدته موظفي الشركات، وهذا أشبه بعمل مافيات تجارية، فضلاً عن تلاعب كثيرٍ من البقالات - التي يديرها أجانب - بالأسعار، حتّى إنّ أسعار بعضها تتجاوز أسعار أسواق السوبر ماركت، دون انتباه من الزبائن ودون حسيب أو رقيب.

وهنا أدرك شهرزاد الصباح، وختمت كلامها المُباح، بأنّ إصلاح أوضاع البقالات بما يُعزّز أمننا الغذائي، ويُوفّر آلاف الوظائف لأبنائنا وبناتنا، ويُقلِّل من ظاهرة الغلاء والتلاعب بالأسعار، ويُريح المستهلكين، هو أمر حيوي مطلوب قد آن زمنُ تحقيقه لصالح الوطن، ألا هل بلّغَت شهرزاد؟ نعم قد فَعَلَت، وأنا من الشاهدين.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store